قيل: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ جرى مجرى التّفسير لقوله: ﴿اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ (١).
الشاهد: من الخطأ تفسير الاستواء بتدبير الأمر... ، وحمله عليه من الانحراف والتأويل المنهي عنه، لأن الواجب في الصفات إثباتها كما وردت عن الله - عز وجل -، وعن رسوله - ﷺ -.
وهذا التأويل الفاسد كان سببه عقيدته الأشعرية (٢)، التي تقوم على تعطيل أغلب الصفات، فتأوَّل صفة الاستواء وفسّرها بما بعدها.
والصحيح في تفسيرالآية ما عليه أئمة السلف من إثبات استواء الله على عرشه، كما ورد من غير تمثيل ولا تشبيه ولا تكييف ولا تعطيل.
وقد وضّح ابن كثير مذهب السّلف الصالح في الصّفات، بقوله:
" إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، وأن الظاهر المتبادر إلى أذهان المشبِّهين منفيٌ عن الله، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه، و ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (٣)، بل الأمر كما قال الأئمة: "من شبه الله بخلقه فقد كفر،
_________
(١) قال به القفال، يُنظر: مفاتيح الغيب (١٤/ ٢٧٠).
(٢) الأشاعرة: هي فرقة كلامية إسلامية، تنسب لأبي الحسن الأشعري الذي عاش في كنف شيخ المعتزلة أربعين سنة، ثم خرج على المعتزلة، واتخذ طريقة ابن كلاب في إثبات الصفات السبع عن طريق العقل، وهي: الحياة، والعلم، والإرادة، والقدرة، والسمع، والبصر، والكلام، أما الصفات الخبرية كالوجه واليدين.. ، وكذلك صفتي العلوّ والاستواء، فتأوّلها على ما ظن أنها تتفق مع أحكام العقل وهذه هي المرحلة التي ما زال الأشاعرة عليها، وقد ذهب المتأخرون منهم إلى تفويض معانيها إلى الله تعالى تنزيهًا له، وقد عاد الأشعري فيما بعد لمذهب أهل السنة والجماعة ومات عليه. ومن أشهر أئمة الأشاعرة: أبو بكر الباقلاني (ت. ٤٠٢ هـ)، والفخر الرازي (ت. ٦٠٦ هـ). يُنظر: الملل والنِّحل، للشهرستاني (١/ ٩٤)، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (١/ ٨٣)
(٣) سورة الشورى: ١١.