القهر والقدرة دون العلوّ في الذات.
والصحيح أن قوله: ﴿رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾، فيه تقرير لصفة العلوّ لله - عز وجل - على خلقه، وتشمل علوّ الذات والقدر، وذلك وفقًا لما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة.
قال السّعدي عند قوله تعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾:
" لما مدحهم بكثرة الطاعة والخضوع لله، مدحهم بالخوف من الله الذي هو فوقهم بالذات والقهر، وكمال الأوصاف.. " (١).
قال ابن القيم في الصّواعق المرسلة، في الوجه الثامن والسبعين بعد المائة: "إن هؤلاء المعارضين للوحي بآرائهم وعقولهم تتضمن معارضتهم الفرية على الوحي والعقل واللغة والفطرة...
وأما فريتهم على اللغة: فإنهم أزالوا دلالة الألفاظ الدالة على ذلك دلالةً صريحةً- لا يُحتمل غير معناها-، عن مواضعها وأنشؤا لها معانٍ أخر حملوها عليها؛ لقطع من له إلفٌ بتلك اللغة أنّ المتكلم لم يُرد بتلك الألفاظ ما ذكروه من المعاني، كما حملوا قوله: ﴿مِنْ فَوْقِهِمْ﴾، على معنى قول القائل: "الذهب فوق الفضة، والمسك فوق العنبر" أي في القيمة والقدر، ومعلومٌ أن هذا الترّكيب الخاص لا يحتمل هذا المعنى في لغة أمةٍ من الأمم ولا يجوز أن يراد باللفظ (٢) ".
_________
(١) تيسير الكريم الرحمن (ص: ٤٤٢).
(٢) الصواعق المرسلة، لابن القيم (٤/ ١٣٤٠، ١٣٤١).