وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠)} (١)، وهذه أوّل آية نزلت في تحريم الربا فهو تحريم لربًا مخصوصٍ بهذا القيد، وهو المشهور عندهم، فقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا﴾ (٢) يُحمل الربا فيه على ما سبق ذكره في النّهي الأول عملًا بقاعدة إعادة المعرفة ووفاقًا لقاعدة: "حمل المطلق على المقيّد".. " (٣). والصّحيح أنه وإن كان الربا المذكور في الآية هو ربا الجاهلية المشهور عندهم، إلا أن حرمة الربا لا تُقيّد بتلك الصورة دون غيرها، فالربا محرمٌ بجميع صوره، لتظافر الأدلة الصريحة من الكتاب والسُّنّة وإجماع السلف على تحريمه، ومن الأدلة على تحريمه:
قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨)﴾ (٤).
وَقَولُ النَّبِيِّ ‘: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: "الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ" (٥).
وَقَولُه: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ ‘ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ»، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ» (٦).
_________
(١) سورة آل عمران: ١٣٠.
(٢) سورة البقرة: ٢٧٥.
(٣) تفسير المنار، لمحمد رشيد رضا (٣/ ٩٥).
(٤) سورة البقرة: ٢٧٨.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الوصايا، باب قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْمًا، إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾، (٤/ ١٠)، رقم الحديث: [٢٧٦٦]، من حديث أبي
هريرة - رضي الله عنه -.
(٦) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب لعن آكل الربا ومؤكله، (٣/ ١٢١٩)، رقم الحديث: [١٥٩٨]، من حديث جابر - رضي الله عنه -.