أن قبله: ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾، ومعناه الحث والتَّحريض على فعل الخير الذي يترتب عليه الجزاء في الآخرة، وبعده: ﴿فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾، والتَّقوى في عُرف الشَّرع والقرآن، عبارةٌ عما يُتقى به النار! ! " (١).
٢ - سابِق الكلام ولاحقه، ومنه قول البقاعي (٢) عند قوله تعالى: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (٣) قال: "أي لأبدت به"، وقال: "وأما ما ورد عن السلف مما يعارض ذلك فلم يصح منه شيء عن أحد منهم مع أن الأقوال التي رُويت عنهم إذا جمعت تناقضت فتكاذبت، ولا يساعد على شيءٍ منها كلام العرب لأنهم قدروا جواب (لولا) المحذوف بما لا دليل عليه من سابق الكلام ولا لاحقه" (٤).
٣ - قد يجعل بعضهم السِّياق مقابل للسِّباق في بعض المواضع، ومنه قول ابن عاشور (٥) عند قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ
_________
(١) البحر المحيط في التفسير، لأبي حيان (٢/ ٢٩٠).
(٢) أبو الحسن برهان الدين إبراهيم بن عمر بن حسن الرُباط بن علي بن أبي بكر البقاعي، مؤرخ أديب، أصله من سوريا، ولد سنة ٨٠٩ هـ، ورحل إلى بيت المقدس والقاهرة، من أبرز مؤلفاته: "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور"، و"مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور "، وتوفي بدمشق سنة ٨٨٥ هـ. يُنظر: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (١/ ١٠١)، والأعلام (١/ ٥٦).
(٣) سورة القصص: ١٠.
(٤) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، للبقاعي (١٠/ ٦٤).
(٥) هو محمد الفاضل بن محمد الطاهر بن عاشور، ولد سنة ١٣٢٧ هـ، أشعري العقيدة، من طلائع النهضة في تونس، وشغل خطة القضاء بتونس ثم منصب مفتي الجمهورية، من أعضاء المجمع اللغوي بالقاهرة، ورابطة العالم الإسلامي بمكة، ومن مؤلفاته: "التحرير والتنوير"، و"أعلام الفكر الإسلامي في تاريخ المغرب العربيّ"، توفي بتونس سنة ١٣٩٣ هـ. يُنظر: الأعلام (٦/ ٣٢٥)، والمفسرون بين التأويل والإثبات (ص: ١٤٠٣).


الصفحة التالية
Icon