وقد رجّح الطبري (١) أن المعنى: "يرِدُها الجميع ثم يَصدر عنها المؤمنون، فينجيهم الله، ويهوي فيها الكفار.
وورودهما هو ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله - ﷺ - من مرورهم على الصراط المنصوب على متن جهنم، فناجٍ مسلم، ومكدس فيها" (٢).
ثانيا: عن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - (٣)، عن النبي - ﷺ - قال: " الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠] " (٤).
فالرسول - ﷺ - فسّر الدعاء بالعبادة، واستشهد بالآية بما جاء في خاتمتها: {إِنَّ الَّذِينَ
_________
(١) هو أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير الطبري، عالم العصر، صاحب التصانيف البديعة، ولد سنة ٢٢٤ هـ، اعتنق المذهب الشافعي، ثم أنشأ مذهبًا خاصًا به، كان رأسًا في التفسير، إمامًا في الفقه، علّامةً في التاريخ، عارفًا بالقراءات وباللغة، وتوفي سنة ٣١٠ هـ، ومن مؤلفاته: (جامع البيان) في التفسير، و (تهذيب الآثار). يُنظر: شذرات الذهب في أخبار من ذهب (١/ ٣٠)، وسير أعلام النبلاء (١١/ ١٦٥).
(٢) جامع البيان (١٨/ ٢٣٤)، وقد وردت عدة تفسيرات لورود المؤمنين، فقيل: دخولها، ثم تكون عليهم بردًا وسلامًا، وقيل: العرض، وقيل: المرور على الصراط،... للاستزادة، يُنظر: جامع البيان (١٨/ ٢٣٠، وما بعدها)، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير (٥/ ٢٥٢).
(٣) هو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي، ولد السنة الثانية من الهجرة، وهو أول مولود للأنصار بعد الهجرة، يكنى أبا عبد الله، له ولأبيه صحبة، سكن الشام، ثم تولى إمرة الكوفة، ثم قتل بحمص، توفي سنة ٦٥ هـ، وعمره ٦٤ سنة. يُنظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (٤/ ١٤٩٧)، وأسد الغابة (٥/ ٣١٠).
(٤) أخرجه أبو داوود في سننه، كتاب الصلاة، أبواب قراءة القرآن وتحزيبه وترتيله، باب الدعاء، (٢/ ٧٦)، رقم الحديث: [١٤٧٩]، والترمذي في سننه، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله - ﷺ -، باب: "ومن سورة البقرة"، (٥/ ٦١)، رقم الحديث: [٢٩٦٩]، وفي باب: "ومن سورة المؤمن"، (٥/ ٢٢٧)، رقم الحديث: (٣٢٤٧)، وفي كتاب الدعوات، باب ما جاء في فضل الدعاء (٥/ ٣١٦)، رقم الحديث: [٣٣٧٢]، وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل، مسند الكوفيين، (٣٠/ ٣٤٠)، رقم الحديث: [١٨٣٩١]، جميعهم من حديث النعمان بن بشير، وقال الألباني: صحيح. الجامع الصغير وزياداته (١/ ٦٤١).