مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى» فَقَالَ: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (١) الآية (٢).
قال الشاطبي - رحمه الله - (٣) معلِّقًا: " ومعنى ذلك أنه تخصيصٌ للعموم قبله، ولكنه أطلق عليه لفظ النَّسخ؛ إذ لم يعتبر فيه الاصطلاح الخاص (٤) " (٥).
ثالثا: إعمال التابعين وجمهور المفسرين:
عن قتادة - رحمه الله - (٦) قال: " ﴿فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢)﴾ (٧)، هم مَن نعَتهم ووصفهم
_________
(١) سورة الشعراء: ٢٢٧
(٢) أخرجه أبو داوود في سننه، كتاب الأدب، باب ما جاء في الشعر (٤/ ٣٠٤)، رقم] ٥٠١٦ [
(٣) هو أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطي الشهير بالشاطبي، من الأئمة الثقات، الفقيه الأصولي المفسر المحدّث، من مؤلفاته: " الموافقات"، و" الاعتصام والمجالس"، توفي سنة ٧٩٠ هـ. شجرة النور الزكية في طبقات المالكية (١/ ٣٣٢).
(٤) قال الشاطبي: "الذي يظهر من كلام المتقدمين أن النسخ عندهم في الإطلاق أعمّ منه في كلام الأصوليين؛ فقد يطلقون على تقييد المطلق نسخا، وعلى تخصيص العموم بدليل متصل أو منفصل نسخا، وعلى بيان المبهم والمجمل نسخا، كما يطلقون على رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر نسخا؛ لأن جميع ذلك مشترك في معنى واحدا، وهو أن النسخ في الاصطلاح المتأخر اقتضى أن الأمر المتقدم غير مراد في التكليف، وإنما المراد ما جيء به آخرا؛ فالأول غير معمول به، والثاني هو المعمول به". الموافقات، للشاطبي (٣/ ٣٤٤).
(٥) الموافقات (٣/ ٣٤٧).
(٦) هو أبو الخطاب قتادة بن دعامة بن عزيز بن عمرو السدوسي البصري الأكمه، المفسر، كان تابعيا وعالما كبيرا، وكان ثقة مأمونا، حجة في الحديث، واشتهر بقوة الحفظ، ولد سنة ٦٠ هـ، وتوفي سنة ١١٧ هـ. يُنظر: الطبقات الكبرى (٧/ ١٧١)، ووفيات الأعيان (٤/ ٨٥).
(٧) سورة البقرة: ٢.