ثانيا: الاضطراري: الذي لم يتم به الكلام، واصطُلح على تسميته: (القبيح)، وهو الوقف على ما لم يتم به الكلام في ذاته، واشتد تعلقه بما بعده لفظًا ومعنى، فلا يجوز تعمُّد الوقف عليه إلا لضرورةٍ من انقطاع نفسٍ ونحوه؛ لعدم الفائدة أو لفساد المعنى (١).
بعد تأمل التعاريف السابقة، يتبيّن أن الحكم على الوقف مبنيٌ على نوع اتصال الموقوف عليه، بما بعده من لاحق الكلام، فهو في ذلك على مراتب: فإما ألاّ يتّصل ما بعد الوقف بما قبله لفظًا ولا معنى، فهو التام، أو يتَّصل ما بعده بما قبله معنىً لا لفظًا، فهو الكافي، أو لا يتَّصل ما بعده بما قبله معنى ولفظًا، فهو الحسن، أو يشتد اتصاله بما بعده، فلا يتم المعنى المراد إلا به، فهو القبيح (٢).
ومن الاتصال المعنوي، (البيان المتَّصل) المفسِّر لما قبله - وهو موضوع
الدراسة-.
ومما يؤكد على أهمية البيان المتصل في تحديد موضع الوقف، قول النبي - ﷺ -: "يَاأُبَيُّ، إِنِّي أُقْرِئْتُ الْقُرْآنَ فَقِيلَ لِي: عَلَى حَرْفٍ، أَوْ حَرْفَيْنِ؟
فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي: "قُلْ: عَلَى حَرْفَيْنِ"، قُلْتُ: "عَلَى حَرْفَيْنِ"، فَقِيلَ لِي: "عَلَى حَرْفَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ؟ "
فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي: "قُلْ: عَلَى ثَلَاثَةٍ"، قُلْتُ: "عَلَى ثَلَاثَةٍ"، حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ"، ثُمَّ قَالَ: " لَيْسَ مِنْهَا إِلَّا شَافٍ كَافٍ، إِنْ قُلْتَ: سَمِيعًا عَلِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا، مَا
_________
(١) يُنظر: القول السديد في علم التجويد، لأبي الوفا (ص: ٢٠٩)، منار الهدى في بيان الوقف والابتدا (١/ ٢٨)، النشر في القراءات العشر (١/ ٢٢٥، ٢٢٦).
(٢) وسيأتي في الفصل الأخير بعض النماذج عليه.


الصفحة التالية
Icon