النموذج الثاني:
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١٥٤)﴾ (١).
المبيَّن: ﴿يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ﴾.
البيان المتَّصل: ﴿يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا﴾.
المعنى الإجمالي للبيان المتصل:
" أي يخفي-يا محمد- هؤلاء المنافقون الذين وصفتُ لك صفتهم في أنفسهم من الكفر والشكّ في الله، ما لا يبدون لك.
ثم أظهر نبيَّه - ﷺ - على ما كانوا يخفونه بينهم من نفاقهم، والحسرة التي أصابتهم على حضورهم مع المسلمين مشهدهم بأحد، فقال مخبرًا عن قِيلهم الكفر وإعلانهم النفاق بينهم: ﴿يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا﴾، يعني بذلك أنّ هؤلاء المنافقين يقولون: لو كان الخروج إلى حرب من خرجنا لحربه من المشركين إلينا، ما خرجنا إليهم، ولا قُتِل منا أَحدٌ في الموضع الذي قتلوا فيه بأُحد" (٢).
قال الشّوكاني (٣) - رحمه الله -: "وقوله: ﴿يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا﴾
_________
(١) سورة آل عمران: ١٥٤.
(٢) جامع البيان (٧/ ٣٢٣، ٣٢٢).
(٣) هو محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن محمد الشوكاني، أبو عبد الله، ولد سنة ١٢١٧ هـ كان فقيها، أصوليا، محدثا، مفسرا، من كبار علماء اليمن، من أشهر مؤلفاته: "فتح القدير " و"نيل الأوطار"، توفي سنة ١٢٥٠ هـ. يُنظر: الأعلام (٥/ ١٧)، ومعجم المفسرين (٢/ ٥٩٣).