الحق، والمقصود بهم اليهود والنصارى (١).
قال ابن كثير (٢) - رحمه الله -: " أكّد الكلام بـ (لا) ليدل على أن ثمَّ مسلكين فاسدين، وهما طريقتا اليهود والنصارى" (٣).
قال الزمخشري: " ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ بدلٌ من الصراط المستقيم... فإن قلت: ما فائدة البدل؟، وهلا قيل اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم!
قلتُ: فائدته التوكيد لما فيه من التّثنية والتّكرير، والإشعار بأنّ الطريق المستقيم بيانه وتفسيره: صراط المسلمين؛ ليكون ذلك شهادةً لصراط المسلمين بالاستقامة على أبلغ وجه وآكده، كما تقول: هل أدلك على أكرم الناس وأفضلهم؟ فلان، فيكون ذلك أبلغ في وصفه بالكرم والفضل من قولك: هل أدلك على فلان الأكرم الأفضل، لأنك ثنيتَ ذكره مجملًا أوّلًا، ومفصّلًا ثانيًا، وأوقعتَ فلانًا تفسيراً وإيضاحًا للأكرم الأفضل فجعلتَه عَلمًا في الكرم والفضل... " (٤).
قال ابن عاشور: "... وإن إعادة الاسم في البدل أو البيان؛ ليبنى عليه ما يراد تعلقه بالاسم الأول، أسلوبٌ بهيجٌ من الكلام البليغ؛ لإشعار إعادة اللفظ بأن مدلوله
_________
(١) يُنظر: جامع البيان (١/ ١٧٧)، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير (١/ ١٤٠)، وأيسر التفاسير، للجزائري (١/ ١٥).
(٢) هو أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، الإمام الحافظ المفسّر المؤرخ، ولد سنة ٧٠٠ هـ، أخذ عن شيخ الإسلام ابن تيمية، من مؤلفاته: "تفسير القرآن العظيم"، و"البداية والنهاية"، توفي سنة ٧٧٤ هـ. يُنظر: شذرات الذهب في أخبار من ذهب (١/ ٦٧)، والدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (١/ ٤٤٦).
(٣) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (١/ ١٤٠).
(٤) الكشاف (١/ ١٦، ١٥).