وسائل الربط بين أسلوب التّفصيل والإجمال (١):
ربط القرآن الكريم بين الإجمال وما يأتي بعده من تفصيل باستخدام أدواتٍ متنوعةٍ تستخدم في اللغة لهذا الغرض، ومن أبرزها ما يلي:
١ - أمّا التفصيلية:
نحو قوله تعالى: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)﴾ (٢).
قال ابن عاشور: "في قوله: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾ إجمالٌ يفيد التّشويق إلى تفصيله بقوله: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾.. الآيات؛ ليتمكن تفصيله في الذهن" (٣).
٢ - (أنْ) التفسيرية:
نحو قوله تعالى: ﴿إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (٣٨) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ (٤).
قال الزمخشري: " (أنْ) هي المفسِّرة لأن الوحي بمعنى القول" (٥).
٣ - (مِن) البيانية:
نحو قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ (٦).
قال ابن عثيمين: قوله تعالى ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ بيانٌ لمعنى ﴿الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ﴾ (٧).
_________
(١) بحث "أسلوب التفصيل بعد الإجمال وأغراضه في القرآن الكريم"، لهاني أبو خضر (ص: ٤٠ - ٤٣).
(٢) سورة الليل: ٥ - ١٠.
(٣) التحرير والتنوير (٣٠/ ٣٧٩).
(٤) سورة طه: ٣٨ - ٣٩.
(٥) الكشاف (٣/ ٦٢)
(٦) سورة البقرة: ١٨٧.
(٧) تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (٢/ ٣٤٨).