الشعبي» (١).
وقد تبدو الأقوال السابقة متعارضة بعض الشيء، ولسنا هنا بصدد الترجيح بينها، فذلك مما تختلف فيه الأنظار باختلاف أسباب التفضيل، وقد يظهر لأحد بحكم مخالطته لأحد العلماء ما لا يظهر لغيره، فيحكم فيه بما يخالف غيره، لكنها في الجملة تعطي انطباعاً عاماً عما كان سائداً في ذلك الوقت من المفاضلة بين العلماء، وهي تبرز عناية الصحابة والتابعين بأهل التفسير المعروفين به وإشادتهم بهم.
الوجه الرابع: الثناء على أنفسهم في تفسير القرآن.
وثناء المرء على نفسه بما فيها ليس من المدح المذموم أو العجب الممقوت، بل هو من قبيل التحدث بنعمة الله، وقد أمر الله تعالى - ﷺ - بذلك فقال: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ (٢)، وقال يوسف - عليه السلام - عن نفسه: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ (٣)، وقد أخذ العلماء من هذه الآية جواز وصف الإنسان نفسه بالعلم والفضل إذا رآها أهلاً لذلك، وأنه ليس داخلاً في قوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا
_________
(١) التاريخ الكبير (١/ ١/٣٦١)، وتاريخ أصبهان لأبي نعيم (١/ ٢٤٨).
(٢) سورة الضحى آية (١١).
(٣) سورة يوسف من الآية (٥٥).