تبين مفارقتها لها من حيث الكثرة والشدة.
وقد أدرك الصحابة - رضي الله عنهم - أن الخلاف بعدهم سيتخذ أشكالاً أخطر، ولعلهم فهموا ذلك من النبي - ﷺ - حين قال لبعض المختلفين في وقته: «قد اختلفتم وأنا بين أظهركم، فأنتم بعدي أشد اختلافاً» (١).
ومما جاء عن الصحابة في ذلك:
١ - قول أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - حين خطب الناس، وذكر اختلافهم في الأحاديث التي يروونها عن النبي - ﷺ - فقال: «إنكم تحدثون عن رسول الله - ﷺ - أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافاً» (٢).
٢ - واستشار عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المهاجرين والأنصار في الاغتسال من الإكسال (٣)، فاختلفوا، فقال عمر: «هذا وأنتم أصحاب بدر، فمن بعدكم أشد
_________
(١) رواه عبد الرزاق في المصنف (١١/ ٣٨٩ - ٣٩٠)، والطبراني في المعجم الكبير (٣/ ١٣٥)، ونعيم بن حماد في الفتن (ص ٤٠٨) من حديث الحسين بن علي، قال الهيثمي في المجمع (٨/ ٥): «رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح»
، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٧/ ٢/٧٧١).
(٢) ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ (١/ ٢ - ٣) من مراسيل ابن أبي مليكة.
(٣) المراد به مجامعة الرجل أهله دون إنزال، انظر: معجم مقاييس اللغة (ص ٨٩٢)، والنهاية في غريب الحديث (٤/ ١٧٤) مادة " كسل ".


الصفحة التالية
Icon