الله بعضه ببعض؟ ! إنما ضلت الأمم قبلكم في مثل هذا» (١).
وقال - ﷺ -: «اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فيه فقوموا» (٢).
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «سمعت رجلاً قرأ آية سمعت من النبي - ﷺ - خلافها، فأخذت بيده فأتيت به رسول الله - ﷺ -، فقال: «كلاكما محسن»، قال شعبة (٣): أظنه قال: «لا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا» (٤).
وهذه التربية العملية من النبي - ﷺ - أثرت على الصحابة في نظرتهم إلى الخلاف، ونفورهم منه وبعدهم عنه (٥)، وإذا أضفنا إلى ذلك ما كان يدركه الصحابة
_________
(١) هذا الحديث أحد روايات الحديث المتقدم (ص ٤٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند (٢/ ١٩٦)، وحسن إسناده الأرنؤوط في تعليقه على المسند (١١/ ٤٣٤).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب العلم (٤/ ٢٠٥٣) برقم (٢٦٦٧) من حديث جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه -.
(٣) هو أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي البصري، أحد أئمة الحديث ونقاده، روى عن الحسن وقتادة، وعنه ابن المبارك، قال عنه الثوري: «أمير المؤمنين في الحديث»، توفي عام (١٦٠).
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٧/ ٢/٣٨)، وتذكرة الحفاظ (١/ ١٩٣)، وتهذيب التهذيب (٢/ ١٦٦).
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الخصومات، باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة بين المسلم واليهود (٣/ ٨٨).
(٥) انظر: إعلام الموقعين (١/ ٢٥٩)، وبحوث في أصول التفسير ومناهجه (ص ٤١).


الصفحة التالية
Icon