يعظون الناس بآيات القرآن، وقد يحتاج المقام إلى تفسيرها، فربما أخطأ أحدهم في البيان، أو خلط التفسير ببعض الحكايات والغرائب، وهذا جعل الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - ينشطون لنقد آرائهم في التفسير، وسيأتي تخصيص مبحث مستقل في نقدهم.
خامساً: مؤثرات سياسية.
أفضى التنافس على الحكم والخلافة، وما تبعه من صراعات واقتتال بين المسلمين إلى تبني بعض السياسين آراء باطلة في فهم القرآن لتحقيق مكاسب سياسية، إما غضاً من قدر منافسيهم وحطاً من مكانتهم، وإما تأييداً لآخرين، وقد تسربت تلك التأويلات إلى بعض الولاة والخلفاء، ومن المحتمل أن الذي قام بتسريبها بعض من يحب التزلف إليهم، فحكاها لهم فأخذوها عنه، مما دعا الصحابة والتابعين إلى الرد عليهم، وبيان التأويل الصحيح للقرآن، ومما يستشهد به هنا:
١ - استعمل معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - مروان بن الحكم على الحجاز، فخطب الناس، فجعل يذكر يزيد بن معاوية؛ لكي يبايع له بعد أبيه، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنه - (١) شيئاً، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة - رضي الله عنها - فلم يقدروا
_________
(١) هو عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي، أكبر ولد أبي بكر وشقيق عائشة، شهد بدراً وأحداً مع الكفار، ثم أسلم أيام الهدنة وحسن إسلامه، وتوفي فجأة ودفن بمكة سنة (٥٣ أو ٥٤).
انظر: أسد الغابة (٣/ ٤٦٦)، والإصابة (٦/ ٢٩٥).