ذلك، واكتفى بالتحاكم إلى أبي بن كعب - رضي الله عنه -، فعن ابن عباس «أنه تمارى هو والحر بن قيس في صاحب موسى أهو خضر؟، فمر بهما أبي بن كعب الأنصاري، فدعاه ابن عباس، وقال له: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقيه، هل سمعت رسول الله - ﷺ - يذكر شأنه؟، قال: نعم، إني سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: «بينا موسى في ملأ من بني إسرائيل إذ جاءه رجل، فقال: هل تعلم أحداً أعلم منك؟، فقال موسى: لا، فأُوحِي إلى موسى: بلى عبدنا خضر، فسأل موسى السبيل إلى لقيه، فجعل الله له الحوت آية»، الحديث (١).
والسبب في اختلاف أسلوب ابن عباس مع الرجلين أن الحر بن قيس من الصحابة، ومن القراء وأصحاب الفضل، ولمكانته كان عمر - رضي الله عنه - يدنيه ويجعله من جلسائه (٢)، بينما لم يكن هذا الأمر لنوف، وكان معروفاً بالرواية عن أهل الكتاب (٣)، فهو ابن امرأة كعب الأحبار (٤)، وقد ذكر ابن حجر احتمال كون ابن عباس يتهم نوفاً
_________
(١) صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب في المشيئة والإرادة (٨/ ١٩٣).
(٢) انظر صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ (٥/ ١٩٨).
(٣) فتح الباري لابن حجر (١/ ٢١٩).
(٤) هو كعب بن ماتع الحميري، من آل ذي رعين، يكنى أبا إسحاق، أدرك زمن النبي - ﷺ - وأسلم في خلافة عمر وقدم المدينة، ثم انتقل إلى الشام وسكن حمص، وتوفي بها في خلافة عثمان عام (٣٢).
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٧/ ٢/١٥٦)، وسير أعلام النبلاء (٣/ ٤٨٩)