وقد يحتاج بعض الناس إلى ما هو أشد من ذلك فيعزر ويعاقب، كفعل عمر مع صبيغ (١).
ومن مظاهر الرفق في النقد:
أولاً: الرفق مع أهل العلم والفضل، ومن أمثلته ما جاء عن مجاهد - رحمه الله - قال: «كنت عند ابن عمر فقال: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿قَدِيرٌ﴾ (٢) فبكى، فانطلقت حتى أتيت على ابن عباس، فقلت: يا بن عباس كنت عند ابن عمر آنفاً، فقرأ هذه الآية فبكى، قال: أية آية؟ قال: قلت: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، فضحك ابن عباس وقال: يرحم الله ابن عمر! أو ما يدري فيم أنزلت؟ وكيف أنزلت؟، إن هذه الآية حين أنزلت غمت أصحاب رسول الله - ﷺ - غماً شديداً، وغاظتهم غيظاً شديداً، وقالوا: يا رسول الله هلكنا! إنما كنا نؤخذ بما تكلمنا، فأما قلوبنا فليست بأيدينا، فقال لهم رسول الله - ﷺ -: قولوا: «سمعنا وأطعنا»، فقالوا: سمعنا وأطعنا، فنسختها هذه الآية: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ
_________
(١) انظر (ص ٧٥).
(٢) سورة البقرة آية (٢٨٤).