أن في ذم الرأي آثاراً مشهورة عن عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن عمر وغيرهم - رضي الله عنهم -، وكذلك عن التابعين بعدهم بإحسان، وفيها بيان أن الأخذ بالرأي يحلل الحرام ويحرم الحلال (١)، فمن النصوص التي جاءت عنهم في ذم الرأي عامة:
١ - قول عمر - رضي الله عنه -: «إياكم وأصحاب الرأي، فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي؛ فضلوا وأضلوا» (٢).
٢ - وعنه - رضي الله عنه - قال: «اتهموا الرأي على الدين، فلقد رأيتني يوم أبي جندل (٣)
أرد أمر رسول الله - ﷺ - برأيي وما ألوت عن الحق، إن رسول الله - ﷺ - كان يكتب بينه
_________
(١) إقامة الدليل على إبطال التحليل، ضمن الفتاوى الكبرى (٣/ ١٩٩ - ٢٠٠).
(٢) أخرجه الدارقطني في سننه (٤/ ١٤٦)، وابن أبي زمنين في أصول السنة (٥٢)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (١/ ١٢٣)، وابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام (٦/ ١٠١٩)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (٢/ ١٣٥)، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (١/ ٤٥٣).
(٣) يريد بيوم أبي جندل ما وقع في صلح الحديبية، واتفاق النبي - ﷺ - مع قريش على أن من أتاه من أهل مكة مسلماً رده إليهم، ومن أتى قريشاً من أهل المدينة مرتداً لم يردوه، وأثناء توقيع المعاهدة جاء أبو جندل إلى النبي - ﷺ -، فرده إلى قريش؛ مما أغضب عمر - رضي الله عنه - وقال في ذلك ما قال، والقصة مفصلة في كتب المغازي والسير، انظر: السيرة النبوية لابن هشام (٢/ ٣١٨)، والبداية والنهاية (٦/ ٢١٨، ٢٣٤).
وأما أبو جندل فهو ابن سهيل بن عمرو القرشي العامري، قيل: اسمه العاصي، أسلم بمكة قديماً فقيده أبوه وحبسه، فهرب إلى النبي - ﷺ - يوم الحديبية فرده، حتى لحق بأبي بصير، ثم قدم الشام مع أبيه مجاهداً، وتوفي بها في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة.
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٧/ ٢/١٢٧)، والاستيعاب بذيل الإصابة (١١/ ١٧٣)، وأسد الغابة (٦/ ٥٤).