يساويهم، وقد كان أحدهم يرى الرأي، فينزل القرآن بموافقته؟ ! » (١).
والتابعون لهم بإحسان لهم من هذا القدر بحسب علمهم وفهمهم وملازمتهم للصحابة - رضي الله عنهم -.
ومع تقدمهم في ذلك فالمتأمل لما جاء عنهم في جواز الأخذ بالرأي يدرك أنهم لم يفتحوا الباب على مصراعيه، فيجيزوا الأخذ بالرأي مطلقاً، بل جعلوا ذلك محكوماً بضوابط وقيود يجب الأخذ بها قبل القول بالرأي كاستيفاء النظر في الكتاب والسنة، وأقوال العلماء السابقين، وبخاصة صحابة رسول الله - ﷺ -، وقد ذكر ابن القيم من أنواع الرأي المحمود أن يكون بعد طلب الواقعة من القرآن أو السنة، فإن لم يجد فمن كلام الخلفاء الراشدين، أو من بعدهم من الصحابة، فإن لم يجد اجتهد في أقرب رأي إلى الكتاب والسنة وكلام الصحابة (٢)، ومن الآثار التي جاءت عنهم في ذلك:
١ - أن عمر كتب إلى شريح: «إن جاءك شيء في كتاب الله فاقض به، ولا يلتفتك عنه الرجال، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله، فانظر سنة رسول الله - ﷺ - فاقض بها، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله، ولم يكن فيه سنة من رسول الله - ﷺ -، فانظر ما اجتمع عليه الناس فخذ به، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن في سنة رسول الله - ﷺ -، ولم يتكلم فيه أحد قبلك، فاختر أي الأمرين شئت: إن شئت
_________
(١) إعلام الموقعين (١/ ٧٩ - ٨١).
(٢) إعلام الموقعين (١/ ٨٥).