ومما ينطبق عليه هذا الكلام البدع التي أحدثها بعض الناس مخالفين بها ما في الكتاب والسنة، مثل: من زعم أن الله تعالى لا يرى يوم القيامة، وكمن أنكر الشفاعة والحوض والميزان، ويستدل لها بأمور عقلية وقياسات يرد بها الأدلة الصحيحة أو يتأولها (١).
الثانية: المسارعة إلى تفسير القرآن الكريم دون بحث ونظر فيما يؤيد تفسيره من الكتاب والسنة أو إجماع السلف، وإنما يبادر بالتفسير بما ظهر له من العربية من غير نظر في المنقول مما يوقعه في الغلط والخطأ (٢)، ولذلك لما ذكر ابن عباس اختلاف الأمة ذكر أن قوماً يقرؤون القرآن ويجهلون المنقول في معناه، فيقولون فيه بآرائهم فيخطئون.
الثالثة: أن لا يعطي الآية حقها من التدبر والتأمل، وإنما يفسر بما خطر في باله في بادئ الأمر، ويكون غير محيط بجوانب الآية ومواد التفسير، «كمن يفسر قوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ الآية (٣) على ظاهر معناها، يقول: إن الخير من الله، والشر من فعل الإنسان بقطع النظر عن الأدلة الشرعية التي تقتضي أن لا يقع إلا ما أراد الله؛ غافلاً عما سبق من قوله تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ (٤)، أو بما يبدو من ظاهر اللغة دون استعمال العرب، كمن يقول في قوله تعالى: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ
_________
(١) انظر جامع بيان العلم وفضله (٢/ ١٣٨).
(٢) انظر: إحياء علوم الدين (١/ ٢٩٢)، والجامع لأحكام القرآن (١/ ٢٩).
(٣) سورة النساء من الآية (٧٩).
(٤) سورة النساء من الآية (٧٨).