بروايته مطلقاً، وإنما أرادا أنه يخطئ أو ينقل عن أهل الكتاب ما هو كذب، فتكذيبهما في الحقيقة تكذيب للروايات الإسرائيلية التي غالبها محرف مبدل
قال ابن كثير معلقاً على قول معاوية: إن كنا لنبلوا عليه الكذب: «يعني فيما ينقله، لا أنه كان يتعمد نقل ما ليس في صحيفته، ولكن الشأن في صحيفته أنها من الإسرائيليات التي غالبها مبدل مصحف محرف مختلق» (١).
ومما يؤكد ذلك أن معاوية أثنى على كعب في كلامه المتقدم، فقال: «إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب».
ومراده بالمحدثين: أنداد كعب ممن كان من أهل الكتاب وأسلم، فكان يحدث عنهم، وكان كعب أشد منهم بصيرة وأعرف بما يتوقاه (٢).
وقال عنه أيضاً: «ألا إن كعب الأحبار أحد العلماء، إن كان عنده لعلم كالثمار، وإن كنا فيه لمفرِّطين» (٣).
_________
(١) تفسير القرآن العظيم (٥/ ١٨٦)، وانظر فتح الباري (١٣/ ٣٣٥)، ونقل ابن حجر في المصدر السابق (١٣/ ٣٣٤) عن ابن عباس أنه قال في حق كعب الأحبار: بدل من قبله فوقع في الكذب، وقال ابن كثير (٦/ ٢٠٦) فيه وفي وهب بن منبه: «سامحهما الله تعالى فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من الأوابد والغرائب والعجائب، مما كان ومما لم يكن، ومما حرف وبدل ونسخ، وقد أغنانا الله - سبحانه - بما هو أصح منه، وأنفع وأوضح وأبلغ، ولله الحمد والمنة».
(٢) فتح الباري لابن حجر (١٣/ ٣٣٤).
(٣) الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ٢/١١٥).


الصفحة التالية
Icon