الرخصة في ذلك، ثم لما أكثر من التحديث نهاه وقال له: «لتنتهين أو لألحقنك بأرض القردة» (١).
ويستفاد ذلك أيضاً من كلام عائشة - رضي الله عنها - في ابن عمرو، وقولها: إنه يتتبع الكتب، وتتبعه الكتب يفيد مزيد عنايته بها، فهي ليست مجرد رواية عابرة، وإنما تتبع واهتمام، وقد اشتهر ابن عمرو بالتحديث عن بني إسرائيل، فقد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث منهما (٢).
رابعاً: أن المستهدف من النقد بالدرجة الأولى عامة الناس ونقلة الأخبار ممن ليس لديهم الحصيلة العلمية الكافية للتعامل الصحيح مع الروايات الإسرائيلية، فلا يستطيعون التمييز بين الحق والباطل، وقد يضعون تلك الروايات في غير موضعها، فتحدث خللاً في عقائدهم وتصوراتهم (٣).
إن هؤلاء لو لم يطرق أسماعهم سوى الإذن بالتحديث عن بني إسرائيل لأصبح لهم شأن آخر مع الروايات الإسرائيلية، فقد يبالغون في التصديق بها واعتمادها، ويكثرون من تتبعها والاهتمام بها، ومما يدل على ذلك:
_________
(١) انظر البداية والنهاية (١١/ ٣٧١).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٣/ ٣٦٦)، والبداية والنهاية (١/ ٥٢، ٣/ ٥٤٦)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (١/ ١٤)، والزاملة هي: البعير التي يحمل عليها المتاع، والمراد أنه أصاب حملي بعير من كتب أهل الكتاب، انظر لسان العرب (٣/ ١٨٦٤) مادة "زمل".
(٣) انظر: البداية والنهاية (١١/ ٣٧١)، والإسرائيليات في التفسير والحديث، د. الذهبي (٧٦).


الصفحة التالية
Icon