وأما ما يذكره المفسرون في كتبهم من معاني بعض المفردات التي لا يؤثر بيانها في المعنى التركيبي للآية، فالقارئ يفهم المراد من الآية دون الحاجة إلى معرفة حقيقة تلك المفردات، وتفسير هذه الأمور يعد بياناً لها، لكنَّ الاختلاف وقع في فائدة البحث في معناها بالنسبة للمفسر، ومن أمثلته ما وقع لعمر - رضي الله عنه - عندما أراد معرفة معنى الأب ثم عدل عن ذلك، وعده من التكلف؛ لأن معرفة المعنى التركيبي للآية مفهوم دون الوقوف على حقيقة الأب.
ومن أمثلته تفسير المبهمات في القرآن، فتفسيرها يعد بياناً لها، ولا يمكن إخراجها من البيان، فإذا قلنا إن المراد بضمير التثنية في قول الله تعالى: ﴿إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ﴾ (١) عائشة وحفصة - رضي الله عنهما - (٢) فإنه يعد بياناً للآية، لكن جهلنا باسميهما لا يؤثر في فهم المراد من الآية، وسيأتي تفصيل أكثر عن هذه القضية، وتوجيه كلام عمر - رضي الله عنه - عند الحديث عن نقد التكلف في التفسير.
والمعيب حقاً أن تكون هذه المعاني التي لا تؤثر في بيان المعنى العام للآية هي ما يشغل المفسر ويصرفه عن البحث عن الفوائد والأحكام والعبر والهدايات التي
_________
(١) سورة التحريم من الآية (٤).
(٢) جامع البيان (٢٣/ ٩٤).


الصفحة التالية
Icon