الصحابة، أو أنهم أخذوه من بعض الكتب المتقدمة، والله أعلم» (١).
ومما سبق يتبين أن الصحابة كانوا أشد في إنكار الإسرائيليات من التابعين، والذي نقل عنهم في نقدها أكثر مما نقل عن التابعين، وبعض الصحابة أشد في إنكار الإسرائيليات من بعض كما رأينا من ابن مسعود - رضي الله عنه -، ومن خلال استقرائي للموضوع لم أجد عن التابعين نقداً صريحاً للإسرائيليات سوى ما نقل عن الحسن في تكذيب أهل الكتاب (٢)، وما جاء عن الأعمش في بيان سبب اتقاء بعض الكوفيين لتفسير مجاهد لكونه يروي عن بني إسرائيل، وقد تقدم قريباً.
وقوة إنكار الصحابة - رضي الله عنهم - للإسرائيليات وتحذيرهم منها يفسر لنا قلة الرواية عن بني إسرائيل في عهدهم مقارنة بعصر التابعين (٣).
وحين نقارن الروايات النقدية للإسرائيليات المنقولة عن الصحابة والتابعين بالروايات التي تسامحوا فيها بنقلها وروايتها على ضوء الدوافع والمحامل السابقة نستطيع القول بأنهم تعاملوا معها- في الجملة - وفق المنهج الذي رسمه النبي - ﷺ - وإن اختلفنا مع بعضهم في بعض الجزئيات - وأنهم كانوا على وعي تام حين سماع الإسرائيليات وروايتها، فلم يخرجوا بالتحديث بها عن المسار المسموح به والله أعلم.
_________
(١) تفسير القرآن العظيم (١/ ١١٠)، وانظر أيضاً نحو هذا الكلام في (٥/ ١٩٤) من الكتاب نفسه.
(٢) انظر: تفسير عبد الرزاق (١/ ٢٦٨)، وجامع البيان (١٢/ ٤٢٧).
(٣) انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٣/ ٣٤٥)، والإسرائيليات في التفسير والحديث، د. الذهبي (ص ٢٢).


الصفحة التالية
Icon