وحدانية الله، ويزعم أن الله تعالى ثالث ثلاثة، أو أن المسيح ابن الله، ويستدل بالمتشابه من آيات الكتاب كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ (١)، وفي مثل هؤلاء نزل قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾ (٢)، وهؤلاء النصارى لهم نظير من أهل البدع؛ فكم تركوا من الآيات المحكمات وتعلقوا ببعض المتشابه، وردوا بها نصوصاً صريحة صحيحة.
ومن أمثلة ذلك:
١ - اتباعُ القدرية قوله تعالى: ﴿... اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ (٣)، وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ (٤)، وتركُ الآيات التي بينتها، مثل قوله تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ (٥).
٢ - اتباع الخوارج لقوله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ (٦)، وترك مبينه وهو
_________
(١) سورة النساء من الآية (١٧١).
(٢) انظر ما تقدم في التمهيد (ص ٣٢)، وانظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٣/ ٢٧٧).
(٣) سورة فصلت من الآية (٤٠).
(٤) سورة الكهف من الآية (٢٩).
(٥) سورة الإنسان من الآية (٣٠).
(٦) سورة الأنعام من الآية (٥٧).