مخافة أن يوردوا شيئاً من تفسير المتشابه، فلا يجد المسلم له جواباً، فيقع في الفتنة (١)، وقد جاء ذلك صريحاً في بعض الروايات، ففي بعضها: «فلا تجالسوهم» (٢).
الثاني: ذم اتباع المتشابه وطلب تفسيره، والاستدلال به على ما يعتقده الإنسان، وجاء لفظ «يتبعون» للدلالة على أنهم «يطلبون المتشابه ويقصدونه دون المحكم، مثل المتبع للشيء الذي يتحراه ويقصده، وهذا فعل من قصده الفتنة. وأما من سأل عن معنى المتشابه ليعرفه ويزيل ما عرض له من الشبه، وهو عالم بالمحكم متبع له، مؤمن بالمتشابه، لا يقصد فتنة، فهذا لم يذمه الله» (٣).
ولذا كان الصحابة - رضي الله عنهم - يسألون النبي - ﷺ - عما يشتبه عليهم فهمه من الآيات، فيفهمون منها غير المراد، أو يظنون معارضتها لأقواله - ﷺ -، فيصحح لهم المعنى، ومن أمثلته:
١ - عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - ﷺ - قال: «من نُوقش الحساب عُذب»، قالت: قلت: أليس يقول الله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ (٤)؟، قال: «ذلك
_________
(١) انظر شرح صحيح مسلم للنووي (١٦/ ٢١٨).
(٢) أخرج هذه الرواية: ابن وهب في الجامع (١/ ٧٩)، وابن جرير في تفسيره (٥/ ٢٠٩)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان (١/ ١٤٧).
(٣) مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٧/ ٣٩٤).
(٤) سورة الانشقاق آية (٨).