الأمن، فدل على أن المراد به ما تقدم من الإحصار، فثبت أنه الخوف من العدو»، ثم قال: «الذي يظهر لنا رجحانه بالدليل من الأقوال المذكورة هو ما ذهب إليه مالك والشافعي وأحمد في أشهر الروايتين عنه أن المراد بالإحصار في الآية: إحصار العدو، وأن من أصابه مرض ونحوه لا يحل إلا بعمرة، لأن هذا هو الذي نزلت فيه الآية، ودل عليه قوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ﴾ الآية» (١).
ويرى غير ابن عباس أن الحصر في الآية يشمل حصر العدو وغيره كالمرض (٢).
٤ - قد يحتج من يرتكب المعاصي بقوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ (٣) وأن ما يفعله من الذنوب داخل في مدلول هذه الآية، فنبه ابن عباس - رضي الله عنهما - إلى أن الآية لا تشمل المعاصي، وقال: «يريد مصائب المعاش، ولا يريد مصائب الدين؛ إنه قال: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ (٤)، وليس على مصائب
_________
(١) أضواء البيان (١/ ١٨٤، ١٩٠)، وانظر مزيد تقرير لذلك في: التفسير الكبير للرازي (٢/ ٣٠٣)، والتحرير والتنوير (٢/ ٢٢٢).
(٢) انظر: جامع البيان (٣/ ٣٤٢)، والجامع لأحكام القرآن (١/ ٧٤٥).
(٣) سورة الحديد آية (٢٢).
(٤) سورة الحديد من الآية (٢٣).