قال ابن القيم: «أنكر على من فهم من قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ أنه ظلم النفس بالمعاصي، وبين أنه الشرك، وذكر قول لقمان لابنه: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ مع أن سياق اللفظ عند إعطائه حقه من التأمل يبين ذلك، فإن الله سبحانه لم يقل: ولم يظلموا أنفسهم، بل قال: ﴿آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾، ولبس الشيء بالشيء تغطيته به وإحاطته به من جميع جهاته، ولا يغطي الإيمان ويحيط به ويلبسه إلا الكفر» (١).
٢ - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «لما نزلت: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ (٢) بلغت من المسلمين مبلغاً شديداً، فقال رسول الله - ﷺ -: «قاربوا وسددوا، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى النكبة ينكبها، أو الشوكة يشاكها» (٣).
وفي بعض الأحاديث أن أبا بكر قال للنبي - ﷺ -: «يا رسول الله، كيف الصلاح بعد هذه الآية، فكل سوء عملناه جزينا به؟ !، فقال النبي - ﷺ -: «غفر الله لك يا أبا بكر! ألست تمرض؟، ألست تنصب، ألست تحزن؟، ألست تصيبك اللأواء (٤)؟ »، قال: بلى، قال: «فهو ما تجزون به» (٥).
_________
(١) إعلام الموقعين (١٣٥١ - ٣٥٢)، وانظر الصواعق المرسلة (٣/ ١٠٥٧).
(٢) سورة النساء من الآية (١٢٣).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب (٤/ ١٩٩٣) برقم (٢٥٧٤).
(٤) اللأواء: الشدة وضيق المعيشة، النهاية في غريب الحديث (٤/ ٢٢١) مادة "لأواء".
(٥) أخرجه الثوري في تفسيره (ص ٩٧)، وأحمد في المسند (١/ ١١)، وابن جرير في جامع البيان (٧/ ٥٢١)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٤/ ١٠٧١)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان (٤/ ٢٤٩)، والحاكم في المستدرك (٣/ ٧٤ - ٧٥)، وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٣/ ٣٣٩).