فكره جندب - رضي الله عنه - سؤاله، وأمره بمفارقة مجلسه، وقد جاء عن أيوب السختياني (١) أنه قال: «ما رأيت أعبد من طلق بن حبيب، فرآني سعيد بن جبير (٢) جالساً معه، فقال: ألم أرك مع طلق؟ !، لا تجالس طلقاً، وكان طلق يرى الإرجاء» (٣).
أما إذا كان قصد السائل إثارة مشكل الآيات، والبحث عن متشابهها، فقد يصل الأمر إلى تأديبه، كما فعل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مع صَبِيْغِ بن عِسْل (٤) عندما
_________
(١) هو أبو بكر أيوب بن أبي تميمة السختياني البصري، روى عن أبي العالية وابن جبير، وعنه شعبة والسفيانان، وقال عنه الحسن: «أيوب سيد شباب البصرة»، توفي بالطاعون في البصرة عام (١٣١).
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٧/ ٢/١٤)، وتهذيب الكمال (٣/ ٤٥٧)، وتذكرة الحفاظ (١/ ١٣٠).
(٢) هو أبو عبد الله سعيد بن جبير الأسدي الوالبي الكوفي، أكثر عن ابن عباس، وروى عن ابن عمر، وعنه أيوب والأعمش، خرج مع ابن الأشعث فقتله الحجاج عام (٩٥)، وله تسع وأربعون سنة.
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٦/ ١٧٨)، وتذكرة الحفاظ (١/ ٧٦)، وطبقات المفسرين للداودي (١/ ١٨٨).
(٣) التاريخ الكبير (٢/ ٢/٣٥٩)، والطبقات الكبرى لابن سعد (٧/ ١/١٦٦)، وسنن الدارمي (١/ ١١٥)، وكتاب ما جاء في البدع لابن وضاح (ص ١١٣).
(٤) كذا جاء ضبطه في الاشتقاق لابن دريد (ص ٢٢٨)، والمشتبه للذهبي (ص ٤١٤)، وتبصير المنتبه لابن حجر (٣/ ٨٥٥)، وفي لسان العرب (٤/ ٢٣٩٧) "صبغ": «وصِبْغ اسم رجل كان يعنت الناس بسؤالات في مشكل القرآن»، وفي القاموس المحيط (ص ١٠١٣) "صبغ": «صبيغ كأمير ابن عُسيل»، وضبطه في تاج العروس (٨/ ١٩) "صبغ": عِسل بكسر العين، وقد ترجم له الحافظ ابن حجر في الإصابة (٥/ ١٦٨) في القسم الثالث؛ فيمن ذكر في بعض الكتب المؤلفة في الصحابة ممن أدرك الجاهلية والإسلام، ولم يرد في خبر قط أنهم اجتمعوا بالنبي - ﷺ -، ولا رأوه، سواء أسلموا في حياته أم لا، قال: «وهؤلاء ليسوا أصحابه باتفاق من أهل العلم بالحديث»، ثم ذكر أنه تميمي، ثم ذكر قصته مع عمر - رضي الله عنه -. انظر عنه أيضاً: الاشتقاق لابن دريد (٢٢٨)، وتاريخ دمشق لابن عساكر (٢٣/ ٤٠٨)، والوافي بالوفيات للصفدي (١٦/ ٢٨٣).


الصفحة التالية
Icon