خامساً: الاستخارة عند تفسير القرآن.
قد يدعو تعظيم تفسير القرآن وهيبته، والخشية من الوقوع في الخطأ في تفسيره بعض الصحابة إلى التريث في بيان معاني الآيات ونشرها بين الناس، ومنهم من يستخير الله تعالى في هذا الأمر، فعن ابن المسيب «أن عمر كتب في الجد والكلالة كتاباً، فمكث يستخير الله، يقول: اللهمّ إن علمت فيه خيراً فأمضه، حتى إذا طعن دعا بالكتاب فمحي، فلم يدر أحد ما كتب فيه، فقال: إني كتبت في الجد والكلالة كتاباً وكنت أستخير الله فيه، فرأيت أن أترككم على ما كنتم عليه» (١).
وأحياناً يقدم أحدهم بين يدي تفسيره كلاماً يبرأ فيه من حوله وقوته، ويتنصل من تفسيره إن كان خطأً، فقد سئل أبو بكر عن الكلالة، فقال: «إني قد رأيت في الكلالة رأياً، فإن يكن صواباً فمن الله وحده لا شريك له، وإن يكن خطأً فمني والشيطان، والله منه بريء، وإنّ الكلالة ما خلا الولد والوالد» (٢).
فهذه الاستخارة المتكررة من عمر - رضي الله عنه -، والتريث في إخبار الناس بما فهمه من
_________
(١) مصنف عبد الرزاق (١٠/ ٣٠١)، ومصنف ابن أبي شيبة (١١/ ٣٢٠)، وجامع البيان (٧/ ٧٢٠).
(٢) جامع البيان (٦/ ٤٧٥)، وانظر: سنن الدارمي (٢/ ٨٢٢)، ومصنف ابن أبي شيبة (١١/ ٤١٥، ٤١٦).