شَنوُءَة» (١). ويقول أبو عمرو بن العلاء أيضًا: «أفصحُ الناس عُليا تَميمٍ، وسُفلى قيس» (٢). وروي عن الخليل بن أحمد أنه قال: «أفصحُ الناسِ أَزْدُ السَّراةِ» (٣). ويذكر الفراءُ أَنَّ لغةَ عليا تَميم، وسُفلى قَيسٍ لغةٌ جيّدة (٤). وهناك نصٌّ ينقلهُ كُلُّ من كتب في هذه المسألة لأبي نصر الفارابي، يقول: «كانت قريشٌ أجودَ العرب انتقاءً للأفصح من الألفاظ، وأسهلها على اللسان عند النطق، وأحسنها مسموعًا، وإبانةً عمَّا في النفس. والذين عنهم نقلت اللغة العربية، وبِهمُ اقتُدِي، وعنهم أُخِذَ اللسانُ العربيُّ من بَيْنِ قبائل العرب، هم قيسٌ، وتَميمٌ، وأَسَدُ، فإِنَّ هؤلاء هم الذين عنهم أكثر ما أُخِذَ ومُعظمُهُ، وعليهم اتُّكِل في الغريب، وفي الإعراب والتصريفِ، ثُمَّ هُذيل، وبعض كِنانة، وبعض الطائيين، ولم يُؤخَذ عن غيرهم من سائرِ قبائلِهم...
فإنه لم يؤخذ لا من لَخمٍ، ولا من جُذام؛ فإنَّهم كانوا مُجاورين لأهلِ مصر والقِبْط، ولا من قضاعة وغسان، ولا من إياد؛ فإنهم كانوا مجاورين لأهل الشام، وأكثرهم نصارى، يقرأون في صلاتهم بغير العربية، ولا من تغلب ولا النمر؛ فإنهم كانوا مجاورين للنبط والفرس، ولا من عبد القيس؛ لأنهم كانوا سكان البحرين، مخالطين للهند والفرس، ولا من أزد عمان؛ لمخالطتهم للهند والفرس، ولا من أهل اليمن أصلًا؛ لمخالطتهم للهند والحبشة، ولولادة الحبشة فيهم، ولا من بني حنيفة وسكان اليمامة، ولا من ثقيف وسكان الطائف؛ لمخالطتهم تجار الأمم المقيمين عندهم، ولا من حاضرة الحجاز؛ لأن الذين نقلوا اللغة صادفوهم حين ابتدأوا ينقلون لغة العرب قد خالطوا غيرهم من الأمم، وفسدت ألسنتهم»
(٥).
_________
(١) العمدة في صناعة الشعر ونقده ١/ ١٣٣.
(٢) المصدر السابق ١/ ١٣٣.
(٣) الفاضل للمبرد ١١٣.
(٤) انظر: معاني القرآن ٢/ ١٤٤.
(٥) الاقتراح ٤٤ - ٤٥، والمزهر ١/ ٢١١ - ٢١٢.


الصفحة التالية
Icon