القصة ما يرجح نسبته لشاعر من شعراء هذيل، قد يكون أبو كبير الهذلي وقد يكون غيره، ولذلك قال ابن عاشور: «نسب في الكشاف هذا البيت لزهير، وكذلك في الأساس، وليس زهير بهذلي، ونسبه صاحب اللسان إلى ابن مقبل وليس ابن مقبل بهذلي. وكيف وقد قال الشيخ الهذلي لعمر: قال شاعرنا، فهو هذلي، ووقع في تفسير البيضاوي أن الشيخ الهذلي أجاب عمر بقوله: نعم، قال شاعرنا أبو كبير. وقال الخفاجي: البيت من قصيدة له مذكورة في شعر هذيل، فنسبة البيت إلى أبي كبير أثبت» (١).
والظاهر أن هذه القصة قد وقعت في خلافة عمر رضي الله عنه، ولم أجد أقدم من هذا التفسير لهذه المفردة قبل هذه القصة، مما جعل بعض العلماء يقرر أن الصحابة لم يكونوا يُعنَون بالسؤال عن المعاني الدقيقة للمفردات القرآنية إذا كان السياق العام للآية بيّنًا وظاهرًا، وأن ذلك هو معهود العرب في كلامها وخطابها، وأن العرب «لا ترى الألفاظ تعبدًا عند محافظتها على المعاني، وإن كانت تراعيها أيضًا، فليس أحد الأمرين عندها بِمُلتزم، بل قد تبني على أحدهما مرة، وعلى الآخر أخرى، ولا يكون ذلك قادحًا في صحة كلامها واستقامته» (٢). وهذا جارٍ في المعاني والألفاظ والأساليب.
وهذه القصة التي تقدمت عن خفاء معنى «التخوُّف» على عمر رضي الله عنه، ومثلها لفظة «الأبِّ» على أبي بكر رضي الله عنه (٣)، ضعفها بعض العلماء (٤)، بحجة أن الثقة بِها غير متحققة؛ فإنه من المستبعد أن تبقى غير واضحة لجمهور الصحابة ولاسيما القرشيون، وأبو بكر وعمر هما رأس
_________
(١) التحرير والتنوير ١٤/ ١٦٧.
(٢) الموافقات ٢/ ١٣١.
(٣) انظر: الإتقان ٢/ ٤، فتح الباري ٦/ ٢١١.
(٤) انظر: فتح الباري ٦/ ٢١١، المفردات لعبد الحميد الفراهي ص ٤٦.


الصفحة التالية
Icon