إِنِّي بِحَمْدِ الله لا ثَوبَ فَاجرٍ | لَبِسْتُ ولا مِنْ غَدْرَةٍ أَتَقَنَّعُ (١) |
٦ - عدم القناعة بغير شواهد الشعر، كما في قصة نافع فقد كانت كل الشواهد من الشعر. ولذلك يقول المبرد: ومِمَّا سأَلهُ - أي نافع بن الأزرق - عنه: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ [البقرة: ١، ٢] (٢) فقال ابن عباس: تأويله: هذا القرآن. ثم قال المُبَرِّدُ: هكذا جاء، ولا أحفظ عليه شاهدًا عن ابن عباس، وأنا أحسبه لم يقبله إلا بشاهد (٣).
فهو يعني أن نافعًا لم يكن ليقبل تفسير ابن عباس إلا بشاهد من شعر العرب، غير أنه لم يحفظ المبرد ذلك الشاهد.
ومن سمات الشواهد الشعرية في تفسير الصحابة أنها جميعها شواهد لغوية، ولم يرد عنهم شاهد على مسألة نحوية لعدم الحاجة إليها، ومن الأدلة على ذلك غير ما تقدم، المسائلُ التي سُئِلَ عنها ابن عباس من نافع بن الأزرق، فكلها شواهد لغوية (٤). وستأتي.
وأما عبد الله ابن عباس فهو ترجُمان القرآن، وهو سيد المفسرين لمن بعده، ولم ينقل عن أحد من أصحاب النبي - ﷺ - في التفسير أكثر مما نقل عنه، وما آتاه الله من العلم بالقرآن إنما حصل له ببركة دعاء رسول الله - ﷺ - له، حيث دعا له بقوله: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» (٥). وقد كان مقدمًا على أقرانه عند أمير المؤمنين عمر بن
_________
(١) انظر: إيضاح الوقف والابتداء ١/ ٦٣، تهذيب اللغة ٦/ ١٢٧.
(٢) البقرة ١ - ٢.
(٣) انظر: الكامل ٣/ ١١٤٩ - ١١٥٠.
(٤) انظر: تاريخ التراث العربي لسزكين ١/ ٤١، مسائل نافع بن الأزرق لابن عباس ٨.
(٥) مسند الإمام أحمد برقم ٢٣٩٧، ٢٨٧٩، ٣٠٣٢، ٣١٠٢، طبقات ابن سعد ٢/ ٣٦٥، صحيح ابن حبان برقم ٧٠٥٥، المستدرك برقم ٦٢٨٠، وأصل هذا الحديث في الصحيحين.