رابعًا: طُبِعَ تفسير منسوب لابن عباس، جَمَعَهُ الفيروزآبادي بعنوان «تنوير المقباس» (١)، ولم أجد فيه موضعًا واحدًا استشهد فيه ابن عباس بشاهد من الشعر، مِمَّا يُشكِّكُ في صحة هذا التفسير المنسوب لابن عباس، إضافة إلى أنه من رواية محمد بن مروان السُّدِّي عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وهي أوهى الطرق عن ابن عباس (٢). وإن كان احتمال حذف الفيروز آبادي - الذي جَمع هذا التفسير - للشواهد الشعرية واردًا؛ رغبةً في الاختصار.
خامسًا: ورد ضمن مسائل نافع بن الأزرق لابن عباس ما «رُوي عن عكرمةَ أَنَّ نافعَ بنَ الأزرقِ قال لابن عبَّاسٍ: يا أَعمى البصرِ، أَعمى القلبِ، تَزعمُ أَنَّ قومًا يَخرجونَ من النارِ، وقد قال الله جل وعز: ﴿وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا﴾ [المائدة: ٣٧] (٣)؟
فقالَ ابن عباس: ويَحكَ، اقرأ مَا فَوقَها، هَذا للكفارِ» (٤).
وهذه الرواية مُنْكَرَةٌ؛ لسوء الأدب مع الصحابي الجليل ابن عباس، وقد أنكرها الزمخشريُّ فقال تعقيبًا عليها: «وكفاك بِما فيه من مواجهةِ ابنِ الأزرقِ ابنَ عَمِّ رسولِ الله - ﷺ -، وهو بين أَظْهُرِ أعضَادهِ من قريش، وأَنْضَادِهِ من بَنِي عبد المطلب، وهو حَبْرُ الأُمَّةِ وبَحْرُها ومُفَسِّرُها، بالخِطابِ الذي لا يَجْسُرُ عليهِ أحدٌ من أهل الدنيا، ويرفعهُ إلى عِكرمةَ دَليلينِ نَاصَّيْنِ أَنَّ الحديثَ فِريةٌ مَا فيها مِرْيَةٌ» (٥)، وأنكرها
_________
(١) جَمعه الفيروزآبادي من كتب التفسير التي أدخل أصحابها هذا الطريق في تفاسيرهم كالثعلبي والواحدي، وهو طريق لا يعتمد عليه، ولا تصح نسبته لابن عباس. ولا عبرة بما ذكره الزركلي في الأعلام ٤/ ٩٥ من ثناءه على هذا التفسير. انظر: تفسير ابن عباس ومروياته في التفسير من كتب السنة لعبد العزيز الحميدي ١/ ٢٧.
(٢) انظر: الإتقان للسيوطي ٢/ ١٨٩، وحبر الأمة عبد الله بن عباس ومدرسته في التفسير بمكة المكرمة للدكتور عبد الله سلقيني ١٠٣.
(٣) المائدة ٣٧.
(٤) تفسير الطبري (هجر) ٨/ ٤٠٧، الكشاف للزمخشري ١/ ٦٣٠، الدر المنثور ٢/ ٢٨٠.
(٥) الكشاف ١/ ٦٣٠.