* منهج الاستشهاد في المسائل:
أصبحت شواهد ابن عباس التي وردت في مسائل نافع بن الأزرق شواهد عند النحويين وعلماء اللغة من بعدُ، ويمكن وصف منهج هذه المسائل بحسب ورودها في الكتب التي أخرجتها كالتالي:
١ - جَميع هذه الشواهد لغوية. فكلها تدخل تحت ما يُسمَّى بغَريبِ القرآن، ولا سيما الجزء الذي يشبه أن يكون أصلًا لهذه المسائل، بخلاف الزيادات التي دخل فيها ما لا يمكن القول بغرابته حتى في العصر الراهن، فضلًا عن عصر الصحابة رضي الله عنهم. وقد تقدم ذكر أمثلة له.
٢ - الاكتفاء بالشاهد الشعري الواحد في الجواب، فلا يطالب السائل بالمزيد من الشواهد الشعرية. ومن الأمثلة غير ما تقدم أن ابن عباس سئل عن معنى الآية: ﴿وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (١٧)﴾ [الانشقاق: ١٧] (١) فقال: ما جَمَعَ.
ألم تسمع قول الشاعر: (٢)
مُسْتَوسِقَاتٍ لَمْ يَجِدْنَ سَائِقَا (٣)
٣ - عدم شرح الشواهد الشعرية. فابن عباس يذكر الشاهد دون التعرض لشرح اللفظة الغريبة المسئول عنها. وهذا راجع إلى معرفة السائل بمعاني الشعر، وظهور هذه المعرفة لدى طبقات الناس في ذلك العهد المتقدم. فمثلًا، عندما سأل نافع عن قوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣)﴾ [نوح: ١٣] (٤)
قال ابن عباس: لا تَخَافُونَ عَظَمَةَ ربكم. قال وهل كانت العرب تعرف ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول أبي ذؤيب:
_________
(١) الانشقاق ١٧.
(٢) غير منسوب.
(٣) انظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٩٢، وانظر: تفسير الطبري (هجر) ٢٤/ ٢٤٧، إيضاح الوقف والابتداء ١/ ٦٨ - ٦٩.
(٤) نوح ١٣.