• أهم مدارس التفسير في عصر التابعين:
تفرق الصحابة رضي الله عنهم في الأمصار، وصار لكل منهم تلاميذ يأخذون عنه علم القرآن والتفسير والفقه، وبدأ هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم، يشكلون ما يمكن تسميته بالمراكز أو المدارس العلمية، وقد بدأت هذه المراكز بالظهور في النصف الثاني من القرن الأول الهجري وأهمها:
أولًا: مدرسة المدينة المنورة، ومؤسس هذه المدرسة هو الصحابي الجليل أُبَيُّ بن كعبٍ الأنصاري، وكان لكبار الصحابة أثر فيها كعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم، وممن أخذ عن هذه الطبقة من التابعين أبو العالية الرياحي (ت ٩٣ هـ)، وسعيد بن المسيب (ت ٩٤ هـ)، وعطاء بن يسار (ت ٩٤ هـ)، ومحمد بن كعب القرظي (ت ١٢٠ هـ)، والزُّهريُّ (ت ١٢٤ هـ)، وغيرهم، وزيد بن أسلم (ت ١٣٦ هـ) (١).
ثانيًا: مدرسة مكة المكرمة، ومؤسس هذه المدرسة هو شيخ المفسرين وحَبْرُ الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (ت ٦٨ هـ)، وتلاميذه الذين لازموه وأخذوا عنه كثيرون منهم أبو الشعثاء جابر بن زيد (ت ٩٣ هـ)، وسعيد بن جبير (ت ٩٥ هـ)، ومجاهد بن جبر (ت ١٠٤ هـ)، وعكرمة مولى ابن عباس (ت ١٠٥ هـ)، ، وطاووس بن كيسان (ت ١٠٦ هـ)، وعطاء بن أبي رباح (ت ١١٤ هـ) وغيرهم. وتُعدُّ هذه المدرسة أوثق مدارس التفسير، وأكثرها استشهادًا بالشعر في التفسير، لمكانة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في علم التفسير، يقول ابن تيمية: «وأما التفسير فإن أعلم الناس به أهلُ مكة؛ لأنهم أصحاب ابن عباس» (٢).
ثالثًا: مدرسة الكوفة، ومؤسسها هو الصحابي الجليل عبد الله بن
_________
(١) انظر: الإتقان ٢/ ١٩٢، التفسير والمفسرون ١/ ١١٣.
(٢) مقدمة التفسير ٦١، وانظر: مفتاح السعادة ٢/ ٥٤، التفسير والمفسرون ١/ ١١٨ - ١٢٧.