دَأْبَ شَهْرَين ثُمَّ شَهْرًا دَمِيكًا بِأَرِيْكَيْنِ يَخْفِيَانِ غَمِيْرَا (١)
فقلت: يظهران.
فقال ورقاء بن إياس وهو خلفي: أقرأنيها سعيد بن جبير: ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ [طه: ١٥] (٢) بنصب الألف (٣).
وروى الكلبي عن أبي صالح وعبد الوهاب عن مجاهد في قوله تعالى في طسم الشعراء في قصة صالح وشعيب: ﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣)﴾ [الشعراء: ١٥٣] (٤) قالا: من المخدوعين، قال الكلبي: وهي من لغة العرب جميعًا، وأنشد:
فَإِنْ تَسأَلِينا فِيمَ نَحْنُ فَإِنَّنَا عَصَافِيرُ مِن هَذا الأَنَامِ المُسَحَّرِ (٥)
وقوله: ﴿فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٩] (٦) من هذا، وأنشدنا شعر امرئ القيس:
أَرَانَا مُوضِعِينَ لِوَقتِ غَيبٍ ونُسْحَرُ بِالطَّعَامِ وبالشَّرابِ (٧)
وربما أورد المفسر تفسير التابعين ثم استشهد له بشاهد من الشعر، ومن أمثلة ذلك ما ذكره ابن عطية في تفسير قوله تعالى: ﴿يس (١)﴾ [يس: ٢] (٨) عن سعيد بن جبير قال: إنه اسم من أسماء محمد - ﷺ -، ودليله: ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣)﴾ [يس: ٣] (٩). وقال السَّيّدُ الحِميَريُّ (١٠):
_________
(١) لكعب بن زهير، ومعنى قوله: دأب شَهرين. يقول: يدأَبُ، دَميكًا: يعني تامًّا. وقال الأصمعي: قوله: بِأَريكين: يعني موضعًا يقال له: أَريك، فضم إليه آخر فقال: بأريكين. والغمير: نَبْتٌ تصيبه السماء فينبت عنه نبت آخر، وربَّما أصاب الإبل منه داء.... انظر: شرح ديوانه ١٤٧.
(٢) طه ١٥.
(٣) تفسير الطبري (هجر) ١٦/ ٣٦.
(٤) الشعراء ١٥٣.
(٥) انظر: ديوان لبيد ٥٦.
(٦) المؤمنون ٨٩.
(٧) انظر: ديوانه ٢٧٨، إيضاح الوقف والابتداء ١/ ٦٧ - ٦٨.
(٨) يس ١.
(٩) يس ٣.
(١٠) هو إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة بن مُفَرِّغ الحميَري، لقبه السيد، وجده يزيد شاعر مشهور. ولد سنة ١٠٥ هـ وتوفي سنة ١٧٣ هـ. وكان سيء المعتقد. انظر: وفيات الأعيان ٦/ ٣٤٣.


الصفحة التالية
Icon