وهذا الشاهد للمثقَّبِ العبدي (١)، وقد استشهد الطبري بأبيات من قصيدة الشاهد، ونسبها للمثقَّب العبدي، مِما يدل على معرفته بها (٢).
- نسبة الشاهد في مواضع دون أخرى:
قد يورد المفسر الشاهد في مواضع فينسبه في بعضها ويبهمه في بعضها، ربما لنسيانه في موضع، وتذكره في آخر، أو للجهل به ثم طروء العلم بالقائل بعد ذلك، أو لغير ذلك من الأسباب. ومن ذلك قول الطبري: «... فإن العرب قد تصل «ذا» و «هذا» كما قال الشاعر:

عَدَسْ مَا لِعَبَّادٍ عَليكِ إِمَارَةٌ أَمِنْتِ وهَذا تَحْمِلينَ طَلِيْقُ (٣)
فـ «تَحملين» من صلة «هذا» (٤). فأَبْهَمَ ذكرَ الشاعر في هذا الموضع، وهو الموضع الأول. ثُمَّ أوردَ الشاهد مرة أخرى عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (١٧)﴾ [طه: ١٧] (٥)، فقال: «.... فالباء في قوله: ﴿بِيَمِينِكَ﴾ مِنْ صِلَةِ ﴿تِلْكَ﴾ والعرب تَصِلُ «تلك» و «هذه»، كما تصل «الذي»، ومنهُ قولُ يَزيدَ بنِ مُفَرِّغٍ:
عَدَسْ مَا لِعَبَّادٍ عَليكِ إِمَارَةٌ أَمِنْتِ وهَذا تَحْمِلينَ طَلِيْقُ
كأنه قال: والذي تَحملين طليق» (٦). فنسبه لقائله في الموضع الثاني.
ومثله كذلك بيت لطرفة بن العبد، استشهد به الطبري في ثلاثة مواضع، فلم ينسبه في موضعين، وذلك في قوله: «.... وكما قال الشاعر:
_________
(١) انظر: ديوانه ١٩٥.
(٢) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١٢/ ٤٥، ٢٤/ ٢٩٦، ١٤/ ٣٢٤، ١٩/ ٤٠٣، وانظر: تفسير الطبري (شاكر) ٤/ ٢٩٣.
(٣) عَدَسْ: صوتُ زَجْرٍ للبغل. انظر: ديوانه ١٧٠، معاني القرآن للفراء ١/ ١٣٨، ٢/ ١٧٧، لسان العرب ٩/ ٨١ (عدس)
(٤) تفسير الطبري (هجر) ٣/ ٦٤٠ - ٦٤١.
(٥) طه ١٧.
(٦) تفسير الطبري (هجر) ١٦/ ٤٢.


الصفحة التالية
Icon