ومن الأمثلة كذلك قول الطبري عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ﴾ [يونس: ٥] (١) وهو يذكر وجه توحيد الضمير في قوله: ﴿وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ﴾ مع تقدم ذكر الشمسِ والقمرِ، فذكر الوجه الأول، ثم قال: «والآخر: أَن يكونَ اكتفى بذكر أحدهما عن الآخر، كما قال في موضع آخر: ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ٦٢] (٢).
وكما قال الشاعر (٣):رَمَاني بِأَمْرٍ كنتُ منهُ وَوالديْ | بَرِيًّا، ومنْ جُولِ الطَويِّ رَمَاني (٤)» (٥). |
فقدم الشاهد من القرآن على الشاهد من الشعر.
- ومن أمثلة ذلك قول الزمخشري: «والخُلْدُ: الثباتُ الدائمُ، والبقاءُ اللازمُ الذي لا ينقطع. قال الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤)﴾ [الأنبياء: ٣٤] (٦). وقال امرؤ القيس:أَلا انعِمْ صَبَاحًا أَيُّها الطللُ البَالي | وهَل يَنْعَمَنْ مَنْ كانَ في العُصُرِ الخَالي |
وهَلْ يَنْعَمَنْ إِلَّا سَعيدٌ مُخَلَّدٌ | قليلُ الهُمُومِ مَا يبيتُ بِأَوْجَالِ (٧)» (٨). |
فقدم الدليل من القرآن على أن الخلد يأتي في اللغة بمعنى الثبات والمكث الطويل، ثم ذكر بعده شاهدًا من قول امرئ القيس على المعنى نفسه.
- ومن الأمثلة قول ابن عطية: «﴿وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ [آل عمران: ١٩٠] (٩)
_________
(١) يونس ٥.
(٢) التوبة ٦٢.
(٣) هو عمرو بن أحمر الباهلي.
(٤) كانت بين الشاعر وبين رجل خصومة في بئر، فقال خصمه: إنه لص ابن لص، فقال هذا الشعر. ولعل رواية البيت الصحيحة: (ومن أجل الطويِّ) وهي البئر. انظر: ديوانه ١٨٧، إصلاح المنطق ٨٧ - ٨٨، إعراب القراءات السبع وعللها ١/ ٢٦٢ - ٢٦٣ وقد أفاض المحقق في شرح البيت في الحاشية رقم ٥ من ١/ ٢٦٢.
(٥) تفسير الطبري (شاكر) ١٥/ ٢٣.
(٦) الأنبياء ٣٤.
(٧) انظر: ديوانه ٢٧.
(٨) الكشاف ١/ ١١٠.
(٩) آل عمران ١٩٠.