الشواهد، كما فعل الطبري عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا﴾ [البقرة: ١٠٤] (١) حيث يقول: «يقال منه: نَظَرْتُ الرَّجُلَ أَنْظُرُهُ نَظرةً، بِمَعنى: انتظَرْتُهُ وَرَقَبْتُه، ومنه قول الحطيئة:وَقَدْ نَظَرْتُكُمُ أَعشاءَ صَادرةٍ | للخَمسِ طالَ بِهَا حَوزي وتَنْسَاسي (٢) |
ومنه قول الله عَزَّوَجَلَّ: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾ [الحديد: ١٣] (٣) يعني به: انتظرونا». (٤) والفعل في الآيتين ورد بصيغة الأمر «انْظُرنَا» و «انظُرُونا»، في حين ورد الفعلُ في الشاهد الشعري بصيغة الماضي «نظرتكم».
- ومن الأمثلة على هذه الصورة في الترتيب أيضًا قول الطبري عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٠٢] (٥): «يقالُ: قد أَذِنْتُ بِهَذا الأمرِ، إذا علمتُ بهِ، آَذَنُ بهِ إِذْنًا، ومنه قول الحطيئة:أَلا يَا هِندُ إِنْ جَدَّدْتِ وَصْلًا | وإِلاَّ فَأْذِنِيني بِانْصِرَامِ (٦) |
يعني: فَأَعْلِمِيْني. ومنه قوله جل ثناؤه: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [البقرة: ٢٧٩] (٧)». (٨) والفعل في الشاهد الشعري وفي الآية الكريمة ورد بصيغة الأمر، غير أنه في الشاهد الشعري أُسْنِدَ لِمُفردٍ «فأذنيني»، وفي الآية أسند إلى الجمع «فأذنوا»، فقدم المفردُ على الجمع.
- ومن ذلك أيضًا قول ابن عطية مقدمًا للشاهد الشعري على المَثَلِ: «والدِّيْنُ.... الجزاءُ، ومنه قول الشاعر (٩):
_________
(١) البقرة ١٠٤.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) الحديد ١٣.
(٤) تفسير الطبري (شاكر) ٢/ ٤٦٧ - ٤٦٨.
(٥) البقرة ١٠٢.
(٦) لم أجده في الديوان، وهو في التبيان للعكبري ١/ ٣٨٠.
(٧) البقرة ٢٧٩.
(٨) تفسير الطبري (شاكر) ٢/ ٤٤٩.
(٩) هو شهل بن شيبان الزِّمّاني ويلقب بالفِنْد.