كَدِيْنكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَا (١)». (٢)
والأمثلة على هذه الصورة في ترتيب الشواهد، بتقديم كلام العرب من غير الشعر على الشعر كثيرة، وفيما تقدم كفاية. (٣)
إيراد الشواهد الشعرية على غير ترتيب.
يورد المفسرون الشاهد الشعري مقرونًا بغيره من شواهد القرآن، والحديث النبوي، وكلام العرب دون التزام ترتيب مطرد في إيرادها، وإن كان قد يبدو لمن أطال التأمل في صنيعهم شيء من الحكمة في التزام ترتيب بعينه في موضع بعينه، غير أنني لم أستطع العثور على ما يمكن أن يسمى منهجًا في ذلك، وإنما هي اجتهادات محتملة، وللمفسرين في إيرادهم للشواهد الشعرية مع غيرها من الشواهد صور متعددة، يمكن إجمالها في الصور التالية:
١ - إيراد الشواهد الشعرية مع شواهد القرآن:
يورد المفسرون شواهد من الشعر، ويوردون معها شواهد من القرآن الكريم، دون التزام تقديم الشاهد من القرآن على الشاهد من الشعر في كل موضع، وإنما تورد على غير ترتيب. ومن أمثلة هذه الصورة قول الطبري: «وقوله: ﴿وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا﴾ [النحل: ٥٢] (٤) يقول جل ثناؤه: وله الطاعة والإخلاص دائمًا ثابتًا واجبًا، يقال منه: وَصَبَ الدِّيْنُ يَصِبُ وُصُوبًا وَوَصَبًا، كما قال الدَّيْليُّ: (٥)
_________
(١) صدر بيت من معلقته، ورواية الديوان:
كَدأبكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيرثِ قَبلَهَا | وَجارتِهَا أُمِّ الرباب بِمأَسَلِ |
(٢) المحرر الوجيز ١/ ٧٢.
(٣) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١٠/ ٦٣، الكشاف ١/ ١٥٧، المحرر الوجيز ٧/ ٩ ٠
(٤) النحل ٥٢.
(٥) هو ظالم بن عمرو بن سفيان المشهور بأبي الأسود الدؤلي.