كَأَنَّ الثُّريَّا عُلِّقَتْ في مَصَامِهَا (١)
أي: في موضع ثبُوتِها وامتسَاكِهَا، ومنه قوله:
فَدَعْ ذَا وَسَلِّ الهَمَّ عنكَ بِجَسْرةٍ | ذَمُولٍ إذَا صَامَ النَّهَارُ وهَجَّرا (٢) |
فقد مزج ابن عطية بين شواهد الشعر وشواهد القرآن دون التزام ترتيب بعينه، وقد اختلفت صِيَغُ اللفظة المفسَّرة «الصِّيَام» في الشواهد عنها في الآية المفسَّرة، فقد وردت في الآية المفسرة بصيغة المصدر «الصِّيام»، ووردت في الشواهد الشعرية بصيغة الصفةِ «خَيْلٌ صِيامٌ»، وبصيغة اسم المكان «مَصَامِها»، وبصيغة الفعل الماضي «صام»، كما وردت في الآية القرآنية بصيغة المصدر «صومًا»، غير أن اللفظة قد اتحدت في المعنى الأصلي وهو الإمساك في كل الشواهد. والظاهر من صنيع المفسرين عدم عنايتهم بأن تكون صيغة اللفظة المستشهد لها واللفظة في الشواهد من باب واحد، أو وزن واحد، وإنما العناية تنصب على الدلالة التي تحملها هذه اللفظة في الشاهد، فإن كانت تدل على المعنى المراد في الآية بأي صيغة فهي محل العناية من المفسرين وغيرهم من علماء اللغة.
٢ - إيراد الشواهد الشعرية مع شواهد من الحديث:
هذه الصورة الثانية التي يورد فيها المفسرون الشواهد الشعرية مع غيرها دون ترتيب مطرد، وهي إيراد الشاواهد الشعرية مع شواهد الحديث النبوي، ومن أمثلة هذه الصورة في إيراد الشواهد قولُ ابن عطية عند
_________
(١) صدر بيت من معلقته، وعجزه:
............................... بِأَمْرَاسِ كِتَّانٍ إِلى صُمِّ جَنْدَلِ
انظر: ديوانه ١٩.
(٢) انظر: ديوان امرئ القيس ٦٣.
(٣) المحرر الوجيز ٢/ ٧٢.