وإِنَّ الذي يَسعَى ليُفسدَ زَوجَتي | كَسَاعٍ إلى أُسدِ الشَّرى يَسْتَبيلُها (١)». (٢) |
وأبو فراس هو الفرزدق، وهذا من أبياته التي استشهد بها المفسرون واللغويون، غير أنه لم يشتهر عند العلماء بهذه الكنية، وإنما اشتهر بها الشاعر أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني، وهو شاعر متأخر توفي سنة ٣٥٧ هـ. (٣) ولا يحتج بشعره في اللغة، فربما أوقع هذا في الوهم، ورُدَّ الشاهدُ لكون أبي فراس الحمداني من المتأخرين.
ومِمَّا يؤخذ على المفسرين إيرادهم شاهدين من الشعر منسوبين لآدم عليه السلام، مع علمهم باختلاقهما، وضعفهما، وهما فيما قيل:
تغيَّرتِ البلادُ ومَنْ عَليها | فوجهُ الأرضِ مُغْبَرٌّ قَبيحُ |
تغيَّر كُلُّ ذِي طَعمٍ ولَونٍ | وقَلَّ بَشَاشةَ الوجهُ المليحُ |
وقد رواهما الطبري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه (٤)، وابن عطية (٥)، ولم ينبها على وضعهما. وقال القرطبي بعد إيرادههما: «في أبياتٍ كثيرةٍ ذكرها الثعلبي وغيره... قال القشيري وغيره: قال ابن عباس: ما قال آدمُ الشعرَ، وإِنَّ محمدًا والأنبياءَ كلهم في النهي عن الشعر سواءٌ، لكن لما قُتِلَ هابيلُ رثاه آدمُ وهو سرياني، فهي مرثية بلسان السريانيةِ أوصى بها إلى إبنهِ شِيث، وقال: إِنك وصِيي فاحفظ مني هذا الكلامَ ليُتوارث، فحُفظت منه إلى زمانِ يعرب بن قحطان، فترجم عنه يعربُ بالعربية وجعله شعرًا». (٦)
وقال ابن كثير تعليقًا على هذه الأبيات: «وهذا الشعر فيه نظر، وقد يكون آدم عليه السلام قال كلامًا يتحزن به بلغته، فألفه بعضهم إلى هذا،
_________
(١) انظر: ديوان الفرزدق ٢/ ١١٣.
(٢) المحرر الوجيز (قطر) ٣/ ٤٨١.
(٣) انظر: ديوانه ٥.
(٤) انظر: تفسير الطبري (هجر) ٨/ ٣٢٥ - ٣٢٦.
(٥) انظر: المحرر الوجيز (قطر) ٤/ ٤١٤.
(٦) الجامع لأحكام القرآن ٦/ ١٤٠.