الزمخشري وهو يشرح معنى (الدِّينِ) في اللغة، وأنه بمعنى الجزاء: «ومنه... بيت الحماسة:

ولم يَبْقَ سِوى العُدوَ انِ دِنَّاهُمْ كمَا دانوا». (١)
والبيت معروفُ القائلِ، وهو لشَهْلِ بن شيبان المعروف بالفِنْدِ الزِّمَّاني، غير أنه نسبه لديوان الحماسة لأَبي تَمَّام لشهرتهِ، أو لنسيانه اسم الشاعر وتذكره موضعه. (٢)
بل إن الزمخشري عندما استشهد ببيت من شعر أبي تمام، وعلم أن العلماء سيعيبون عليه ذلك، اعتذر لصنيعه بقوله: «وهو وإن كان مُحدثًا لا يُستشهدُ بشعره في اللغةِ فهو من علماء بَيتُ الحَماسةِ العربيةِ، فاجعل ما يقولهُ بِمنزلةِ ما يرويه، ألا ترى إلى قول العلماءِ: الدليلُ عليه، فيقتنعون بذلك لوثوقهم بروايته وإتقانه». (٣)
وقد نسب الزمخشري كثيرًا من شواهده في التفسير لديوان الحماسة. (٤) وابن عطية يعتمد في كثير من شواهده على ديوان الحماسة لأبي تمام وإن لم يصرح باسمه، وقد وجدت هذا بموازنة شواهده بديوان الحماسة، وقد دلني على ذلك ما ذكره هو في فهرس شيوخه، من أنه أخذ هذا الديوان بشروحه عن شيوخه. (٥)
هذه أهم صور توثيق رواية الشاهد الشعري عند المفسرين، وقد تقدم كثير من أمثلة ذلك في مبحث «منهج المفسرين في إيراد الشاهد الشعري» في هذا الفصل فيكتفى بما تقدم من الأمثلة هناك (٦).
_________
(١) الكشاف ١/ ١١٦.
(٢) انظر: ديوان الحماسة ٣٠، شرح شواهد الشافية للبغدادي ٨.
(٣) الكشاف ١/ ٢٠٨.
(٤) انظر: الكشاف ١/ ١٠٩، ١٣٨، ٢/ ٤٣٦، ٣/ ٣١٦، ٣٢٣، ٤/ ٢٥٩، ٦٥٥.
(٥) انظر: فهرس ابن عطية ١٠٦، ١١٤.
(٦) انظر: ص ٢٧٧ من البحث.


الصفحة التالية
Icon