الغرض الأول: الاستشهاد.
هذا أوسع أغراض ورود الشاهد الشعري في كتب التفسير. وهو في اللغة استفعالٌ من الفِعلِ «شَهِدَ»، ومعناه طلب الشهادة على صحةِ لفظةٍ أو تركيبٍ بشواهدِ الشعر بشروطه التي سبق تفصيل القول فيها (١).
وهذا الغرض ينتظم تحته صورًا كثيرة، وجزئيات متناثرة، وتسهيلًا لعرضه ودراسته يُمكنُ تقسيمه إلى الأقسام التالية:
أولًا - الاستشهاد اللغوي.
وهو الاستشهاد بالشعر في إثبات الدلالة اللغوية، وهذا يتعلق ببيان معاني الألفاظ في القرآن الكريم بصفة عامة، ومنه شواهد غريب القرآن وهي أكثر الشواهد الشعرية ورودًا في تفسير الطبري وابن عطية والقرطبي، ومنه بيان أصول اشتقاق المفردات اللغوية، وكذلك بيان درجة فصاحة بعض اللغات وأصالتها، وما يتعلق بمسائل الصرف ونحو ذلك من قضايا اللغة في كتب التفسير. وشواهد المفسرين في باب اللغة لا تَخرجُ عن شواهد الشعر المنقولة عن شيوخ اللغة المتقدمين كالخليل وأبي عمرو بن العلاء، وأبي عمرو الشيباني، وأصحاب كتب المعاني وغريب القرآن كأبي عُبيدة، والأصمعي، وأبي حاتم السجستاني، وابن قتيبة وغيرهم رحِمَهم الله أجْمعين.
ويتميز الإمام الطبري دون غيره من المفسرين بإضافته شواهد كثيرة في باب اللغة، لم ترد في كتب المعاني والغريب، بل زاد عليها من مروياته ما يساوي النصف تقريبًا، وقد تقدم بيان عدد الشواهد في كتب المفسرين، فأغنى عن إعادته. وقد انفرد المفسرون بشواهد لم يستشهد بها من سبقهم في كتبهم المطبوعة، كما انفردوا ببعض الروايات لشواهد
_________
(١) انظر: لسان العرب ٧/ ٢٢٣ (شهد).