يَغْنَوْا فِيهَا} [الأعراف: ٩٢] {(١) أنَّ معنى «يَغْنَوا فيها»، أي: يقيموا ويسكنوا. وذكر ذلك غيره من المفسرين (٢)، غير أن ابن عطية أضاف تفصيلًا جيدًا لمعنى هذه اللفظة بعد أن استقرى شِعْرَ العرب فقال: «وغَنِيْتُ في المكانِ إنَّما يُقال في الإقامة التي هي مُقترنةٌ بتنعُّمٍ وعيشٍ مُرْضٍ، هذا الذي استقريتُ من الأشعارِ التي ذكرت العربُ فيها هذه اللفظةَ. فمِن ذلك قولُ الشاعرِ (٣):

وقد نَغْنَى بِها ونَرى عُصُورًا بِها يَقْتَدْنَنا الخُرُدَ الخِدالا (٤)
ومنه قول الآخر (٥):
ولقد يَغْنَى بِها جِيْرانُكِ الْـ ـمُمْسِكو مِنكِ بعهدٍ وَوِصالِ (٦)
أنشده الطبري (٧). ومنه قول الآخر (٨):
أَلا حَيِّ مِنْ أجلِ الحبيبِ المَغَانِيا (٩).................................
ومنه قول مُهَلْهِلٍ:
_________
(١) الأعراف ٩٢.
(٢) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١٠/ ٣٢٥، معاني القرآن للزجاج ٢/ ٣٩٦، معاني القرآن للنحاس ٣/ ٥٥، الجامع لأحكام القرآن ٧/ ٢٥١ - ٢٥٢، تفسير ابن كثير ٣/ ٤٤٥.
(٣) هو المرار الأسدي كما في الكتاب ١/ ٧٨، ونسبت خطأ لابن أبي ربيعة في بعض المصادر. انظر: شرح أبيات الجمل للبطليوسي ١٠٤.
(٤) بها أي بالمنْزِل، أَنَّثهُ لما أَنَّه في معنى الدار، والعصور: الدهور، نصبه على الظرف، يقتدننا: يَمِلن بنا إلى الصبا، والخُرُد: جَمعُ خريدة، وهي الخَفِرَةُ الحَيَّية، والخِدالُ: جَمعُ خَدلة، وهي الغليظة الساق الناعمة. الكتاب ١/ ٧٨، المقتضب ٤/ ٧٦ - ٧٧، الجمل ١٢٨، شرج جمل الزجاجي لابن هشام ١٩٧.
(٥) هو عبيد بن الأبرص..
(٦) انظر: ديوانه ١١٥.
(٧) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١٠/ ٣٢٥.
(٨) هو أبو حية النميري.
(٩) صدرُ بيتٍ، وعجزه:
............................ لَبِسْنَ البِلى مِمَّا لَبِسْنَ اللياليا
انظر: أمالي القالي ٢/ ١٨٥، العمدة في صناعة الشعر ونقده ١/ ٥٥٥.


الصفحة التالية
Icon