اذهبْ إليكَ فما أُمِّي بِراعيةٍ ترعى المَخاضَ ولا أُغْضِي على الهُونِ (١)
يعني: على الهَوانِ، وإذا كان بمعنى الرِّفْقِ، فَفَتْحُها». (٢)
فقد أورد الطبري أربعة شواهد من الشعر للتفريق بين معنى الهَونِ بفتح الهاء وهو الرِّفقُ والسكينة، وبضمِّها بمعنى الهوان، وأن هذا هو المعروف المشهور من كلام العرب، وأنه قد يأتي الهَوْنُ بفتح الهاء بِمعنى الهَوَانِ كما في البيت الذي نسبه الطبري لعامر بن جوين ولكنَّ هذا قليلٌ في كلامهم.
وهذه صورة من صور الاستشهاد اللغوي بالشعر في كتب التفسير، ولكنها قليلة، وأكثر من يعنى بها الطبري وابن عطية في تفسيريهما. وما ذكره الطبري في التفريق بين المعنيين أجودُ مِمَّا ذكره أهل الغريب، من حيث كثرة الشواهد، ووضوح الدلالة، ومعرفة القائل (٣)، والمعاجم اللغوية في التفريق بين المعنيين. (٤)
٣ - عند تفسير ابن عطية لقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] (٥)، فسَّرَ الرفثَ بأنه كنايةٌ عن الجِماع؛ لأنَّ الله تعالى كريمٌ يُكنِّي، ثم قال تفريقًا بين معناه في الآية، ومعناه في سياقٍ آخر: «والرَّفَثُ في غير هذا ما فَحُشَ من القول، ومنه قولُ الشاعر (٦):
_________
(١) هذا من الشواهد الملفقة، التي رواها الطبري في تفسيره. والبيتان كما في المفضلية ٣١ هما:
عَفٌّ يؤوسٌ إذا ما خِفتُ مِنْ بَلَدٍ هُونًا، فلستُ بِوقَّافٍ على الهُونِ
عَنِّي إليكَ فما أُمِّي بِراعيةٍ تَرعى المَخاضَ، ومَا رأيي بِمَغبونِ
انظر: المفضليات ١٦٠، وقد رواه كما عند الطبري في لسان العرب ١٥/ ١٦٤ (هون).
(٢) تفسير الطبري (شاكر) ١١/ ٥٤١ - ٥٤٢.
(٣) انظر: مجاز القرآن ١/ ٢٠٠، المفردات ٨٤٨ - ٨٤٩، عمدة الحفاظ ٤/ ٣٠٨.
(٤) انظر: الجمهرة، تهذيب اللغة ٦/ ٤٤٠، مقاييس اللغة ٦/ ٢١، لسان العرب ١٥/ ١٦٣ - ١٦٥ (هون).
(٥) البقرة ١٨٧.
(٦) هو العجاج، وسبق تخريج الشاهد.


الصفحة التالية
Icon