اجتزئ عن الياءِ بالكسرة. وعلى رأي الكوفيين يكون الكسرُ كسرَ إعرابٍ، وحذفت الياءُ مُجتزأً عنها بالكسرة كما اجتزئ عن ألفها بالفتحة (١).
وقد قرأ بالوجه الذي عَدَّهُ أهلُ اللغةِ فصيحًا ابنُ السميفع (٢)، قال الأخفش: «وهو القياس، ولكنَّ الكتابَ ليست فيه ياءٌ، فلذلك كُرِهَ هذا». (٣) في حين قال أبو حيان: «وأجود اللغات الاجتزاء بالكسرةِ عن ياء الإضافة». (٤)
والغرض من الشاهد الشعري في كلام الطبري الاستشهاد على اللغة الفصيحة في قولهم: «يا ابن أمي» وهو إثبات الياء كما في شواهد الشعر، غير أن في ورودها في القرآن الكريم ما يُضعِّفُ هذا القول، وإن كان قد يُقالُ: إِنَّ القُرآنَ ترد فيه صيغٌ متعددةٌ كلها مستعملٌ معروفٌ عند العرب، وربما وردت اللغةُ القليلةُ، وتُركت الشائعةُ لحكمةٍ.
٢ - في قوله تعالى: ﴿وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: ١٥٢] (٥) ذكر الطبري أن هذه هي اللغة الفصيحة في التعبير، وأنَّ «العرب تقولُ: نَصَحتُ لك، وشكرتُ لكَ، ولا تكاد تقول: نصحتكَ، ورُبَّما قالت: شكرتُكَ ونصحتُكَ، من ذلك قول الشاعر (٦):
وقال النابغةُ في «نَصحتُكَ»:هُمُ جَمعوا بُؤسَى ونُعْمَى عَليكمُ فَهلاَّ شَكَرْتَ القومَ إِذْ لَمْ تُقاتِلِ (٧)
_________
(١) انظر: الدر المصون ٥/ ٤٦٧.
(٢) هو أبو عبد الله مُحمَّدُ بن عبد الرحمن بن السَّمَيْفَعُ اليماني، من فصحاء العرب، له اختيارٌ في القراءة شَذَّ فيه، احتج لها أبو العلاء الهمذاني بشواهد ومتابعات. انظر: غاية النهاية ٢/ ١٦١ - ١٦٢.
(٣) معاني القرآن ٢/ ٣١٠، مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه ٥١.
(٤) البحر المحيط ٤/ ٣٩٦.
(٥) البقرة ١٥٢.
(٦) هو عمرو بن لجأ.
(٧) انظر: البحر المحيط ١/ ١٩٨.