اللفظة، والتركيب، وبيان ما قد يعتري القاعدة من الشذوذ وعدم الاطراد، إلا إذا كان التهانوي يعني أن الشواهد التي أوردها العلماء لما خالف القاعدة لا يقصد بها إثبات قاعدة جديدة، وإنما جيء بها لبيان ما ورد عند العرب مخالفًا لتلك القاعدة، وأنه من القلة بمكان فلا يلتفت إليه، ومثل هذا يؤدي في النهاية إلى تثبيت القاعدة الأولى وترسيخها.
الثانية: قد يُفْهَمُ من عبارة «الجزئي» أن المقصود هو موضع الشاهد فحسب، لا الجملة المشتملة على ذلك الشاهد، سواء أكانت شاهدًا شعريًا أم نثريًا، في حين أن المقصود بالشاهد هو جملة الشاهد كلها. وكثير ممن شرح الشواهد الشعرية يذكر البيت المستشهد به ثم يقول: الشاهد في البيت كذا (١). من ذلك قول الشَّنْتَمَريّ (٢) بعد إيراده بيت الأعشى:
أَقُولُ لَمَّا جاءَنِي فَخْرُهُ... سُبحانَ مِنْ عَلْقَمةَ الفاخِرِ (٣)
«الشاهد فيه نصب «سُبْحَانَ» على المصدر، ولزومها للنصب من أجل قلة التمكن... » (٤).
وأحيانًا يطلق الشاهد على البيت كله دون تعيين لموضع الشاهد منه، كما في «شرح أبيات الجمل» لابن السِّيْدِ البَطَلْيَوْسي (٥) حيث يقول في شرح بيت المرار الأسدي:
_________
(١) كالسيرافي في «شرح أبيات سيبويه»، والشنتمري في «تحصيل عين الذهب»، ومن المتأخرين الدكتور ناصر حسين علي في «شرح أبيات معاني القرآن للفراء»، ومحمد الشافعي في «شرح شواهد شذور الذهب».
(٢) هو أبو الحجاج يوسف بن سليمان بن عيسى المعروف بالأَعْلَمِ الشنتمري، فالأعلم لأنه كان مشقوق الشفة العليا شقًا واسعًا، والشنتمري نسبة إلى شَنْتَمَرِيَّة الغرب، من كبار علماء اللغة والنحو بالأندلس، توفي سنة ٤٧٦ هـ من مؤلفاته تحصيل عين الذهب وهو شرح لأبيات سيبويه. انظر: إنباه الرواة ٤/ ٦٥.
(٣) انظر: ديوانه ١٩٣، الكتاب ١/ ١٦٣.
(٤) تحصيل عين الذهب ٢٠٨.
(٥) هو أبو محمد عبدالله بن السِّيْد - بكسر السين من أسماء الذئب - البَطَلْيَوْسي الأندلسي، لغوي نحوي، توفي سنة ٥٢١ هـ. من مؤلفاته الاقتضاب في شرح أدب الكتاب، وشرح أبيات الجمل، وغيرها. انظر: إنباه الرواة ٢/ ١٤١.