ومن أمثلة ذلك ما أورده ابن عطية في توجيه الفصل بين المضاف والمضاف إليه في قراءة ابن عامر لقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ﴾ [الأنعام: ١٣٧] (١) برفع «قتلُ»، ونصب «أولادهم»، وجَرِّ «شركائهم». فجعلَ مِنْ ذلك قول الشاعر:
فَزَجَجْتُهُ بِمزجَّةٍ | زَجَّ القَلوصَ أَبي مَزَاده (٢) |
يَطُفنَ بِحُوزِيِّ المَراتعِ لم يُرَعْ | بواديهِ مِنْ قَرْعِ القِسيَّ الكَنَائِنِ (٣)» (٤) |
ووجه الكلام في بيت الطرماح: قرع الكنائن القسيَّ، حيث فصل بين المضاف «قرع» والمضاف إليه «الكنائن» بالمفعول به «القسيّ».
فكذلك في قراءة ابن عامر وجه الكلام: قَتْلُ شُركائِهِمْ أَولادَهُم. ففصل بين المضاف «قتلُ» والمضاف إليه «شركائِهم» بالمفعول «أولادهم» (٥). وجُمهورُ نَحويِيِّ البصريين على أن هذا لا يجوز إلا في ضرورة الشعر، وتُكُلِّمَ في هذه القراءة بسبب ذلك. قال الطبري: «وقد روي عن بعض أهل الحجاز بيتٌ من الشعر يؤيد قراءة من قرأ بما ذكرتُ من قراءة أهل الشامِ (٦)، رأيت رواة الشعر، وأهل العلم من أهل العراق يُنْكِرونَهُ، وذلك قول قائلهم:
فَزَجَجْتُهُ مُتمَكِّنًا | زَجَّ القلوصَ أبي مزادة». (٧) |
_________
(١) الأنعام ١٣٧.
(٢) انظر: المفصل للزمخشري ١٢٥.
(٣) انظر: ديوانه ٢٦٩.
(٤) المحرر الوجيز ٦/ ١٥٨.
(٥) انظر: كتاب السبعة لابن مجاهد ٢٧٠، النشر لابن الجزري ٢/ ٢٦٣.
(٦) يعني قراءة ابن عامر.
(٧) تفسير الطبري (شاكر) ١٢/ ١٣٧ - ١٣٨، معاني القرآن للفراء ١/ ٣٥٨.