في مُخاطَبة المُنكِر، ويَحسُن في مخُاطَبة المُتَرَدَّد، وَيكون على خِلاف البَلاغة في ما عدا ذلك، هذا هو المَعروفُ عند عُلَماء البَلاغة، ولكن بتَأمُّل ما ورَدَ في القرآن الكريم نَجِد أنَّ الأمور الهامَّة وإن خُوطِب بها مَن لا يُنكِرها أو يَتَرَدَّد فيها نَجِد أنَّ الله تعالى يُؤكدها، كما في هذه القِصَّةِ وغيرها.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: هذه الآيةُ العَظيمة الدالَّة على قُدْرة الله تعالى وحِكْمته، وهي قِصَّتهم على سبيل العُموم أنهم مُنعَّمُون في دِيارهم وبَساتِينِهم وقُصورهم وغير ذلك فلمَّا أَعرَضوا انقلَبَتِ الحال، ففيها عِبْرَة وآية من وُجوهٍ كثيرة، آية دالَّة على قُدْرة الله تعالى، آيةٌ يَعنِي: عِبرْة لمَن عَصَى الله، عِبرْة لمَن أَطاع الله تعالى، آيةٌ دالَّة على حِكْمة الله تعالى.
فبالتَّامُّل لهذه الآيةِ تَجِد فيها أصنافًا وأنواعًا من الآيات، فهي آية دالَّةٌ على قُدْرة الله تعالى، حيث خلَقَ لهم هذه البَساتينَ العَظيمة ثُمَّ أَبدَلها بأُخرى لا تُساوِيها بشيء دالَّةٌ على حِكمته؛ حيث أَعطاهم ذلك الخيرَ حين كانوا مُقبِلين على الله تعالى، وسَلَبَهم إيَّاه حين أَعرَضوا واستكْبَروا عن طاعته، آيةٌ للمُعتَبِرين من أهل المَعاصي؛ فمان فيها تَحذيرًا لهم من أن تَزول نِعْمة الله تعالى عليهم لسبب مَعاصيهم، آيةٌ للطائِعين حيث يَعتَبِرون بها بأنهم ما داموا على طاعة الله تعالى فإن نِعْمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تُدَرُّ عليهم، هذه أَرْبعة أَوْجُهٍ من كونها آيةً.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ هذا الجَنَّاتِ تُؤتِي أُكُلَها على وَجْهٍ واسِع؛ لقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ﴾.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: وُجوبُ الشُّكْر لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لقوله تعالى: ﴿وَاشْكُرُوا لَهُ﴾ والشُّكْر واجِب عَقْلًا كما هو واجِب شَرْعًا، أمَّا وُجوبه الشَّرْعيُّ فالآيات بالأَمْر به


الصفحة التالية
Icon